ﻭﻣﻊ ﻗﺒﺢ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻭﺷﺪّﺓ ﺧﻄﺮﻩ ،ﺑﻴﺪ ﺃﻥّ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺤﺬﺭ ﻛﻞ ﺍﻟﺤﺬﺭ ﻣﻦ
ﻣﺴﻠﻚ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭﺣﺐ ﺍﻟﺘﻔﺮّﺩ ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻭﺍﻟﺸﺬﻭﺫ ،ﻭﻋﺪﻡ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﻭﺗﻮﻗﻴﺮﻫﻢ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻣﺴﻠﻚ ﻭﺧﻴﻢ ﻭﻣﺰﻟﻖ ﺧﻄﻴﺮ! ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ -ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ":-ﻭﻟﻴﻜﻦ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﺬﺭ ﻣﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﺑﻌﺪﻫﻢ - ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻷﺋﻤﺔ - ﻓﺈﻧﻪ ﺣﺪﺙ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﺣﻮﺍﺩﺙ
ﻛﺜﻴﺮﺓ،ﻭﺣﺪﺙ ﻣﻦ ﺍﻧﺘﺴﺐ ﺇﻟﻰ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﻭﻧﺤﻮﻫﻢ،ﻭﻫﻮ
ﺃﺷﺪ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻬﺎ -ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ - ؛ﻟﺸﺬﻭﺫﻩ ﻋﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ،ﻭﺍﻧﻔﺮﺍﺩﻩ ﻋﻨﻬﻢ: ﺑﻔﻬﻢ ﻳﻔﻬﻤﻪ ﺃﻭ
ﺑﺄﺧﺬِ ﻣﺎﻟﻢ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻪ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ )" ( .ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ -ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺍﺑﻦ
ﺣﺰﻡ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ -ﺗﻌﻠﻴﻘﺎً ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻬﺄﻧﺎ ﺃﺗﺒﻊ ﺍﻟﺤﻖ ،ﻭﺃﺟﺘﻬﺪ،ﻭﻻ ﺃﺗﻘﻴَّﺪ
ﺑﻤﺬﻫﺐ( ": ﻗﻠﺖ:ﻧﻌﻢ ،ﻣﻦ ﺑﻠﻎ ﺭﺗﺒﺔ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ،ﻭﺷﻬﺪ ﻟﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﻋِﺪّﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ: ﻟﻢ
ﻳﺴﻊْ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳُﻘﻠِّﺪ،ﻛﻤﺎ ﺃﻥّ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻤﺒﺘﺪﻱﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﻲّ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻔﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻭ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻨﻪ: ﻻ
ﻳﺴﻮﻍ ﻟﻪ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺃﺑﺪﺍً، ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺠﺘﻬﺪ؟ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻝ؟ ﻭﻋﻼﻡ ﻳﺒﻨﻲ؟ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻄﻴﺮ
ﻭﻟﻤَّﺎ ﻳُﺮﻳِّﺶ؟ﻭﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ:ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻤُﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻴَﻘِﻆ ﺍﻟﻔَﻬِﻢ ﺍﻟﻤُﺤَﺪِّﺙ،ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﺣﻔﻆ
ﻣﺨﺘﺼﺮﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﻭﻉ،ﻭﻛﺘﺎﺑﺎً ﻓﻲ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻷﺻﻮﻝ،ﻭﻗﺮﺃ ﺍﻟﻨﺤﻮ،ﻭﺷﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ،ﻣﻊ
ﺣﻔﻈﻪ ﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﺸﺎﻏﻠﻪ ﺑﺘﻔﺴﻴﺮﻩ ﻭﻗﻮﺓ ﻣﻨﺎﻇﺮﺗﻪ،ﻓﻬﺬﻩ ﺭﺗﺒﺔ ﻣﻦ ﺑﻠﻎ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ
ﺍﻟﻤُﻘﻴَّﺪ،ﻭﺗﺄﻫﻞ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺩﻻﺋﻞ ﺍﻷﺋﻤﺔ،ﻓﻤﺘﻰ ﻭﺿَﺢَ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ،ﻭﺛﺒﺖ ﻓﻴﻬﺎ
ﺍﻟﻨﺺ،ﻭﻋﻤﻞ ﺑﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻷﻋﻼﻡ؛ﻛﺄﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻣﺜﻼً،ﺃﻭ ﻛﻤﺎﻟﻚ ﺃﻭ ﺍﻷﻭﺯﺍﻋﻲ ﺃﻭ
ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ،ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﺃﺑﻲ ﻋﺒﻴﺪ ﻭﺃﺣﻤﺪ ﻭﺇﺳﺤﺎﻕ: ﻓﻠْﻴَﺘَﺒِﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻖ،ﻭﻻ ﻳﺴﻠﻚ
ﺍﻟﺮُّﺧﺺ،ﻭﻟﻴﺘﻮﺭّﻉ،ﻭﻻ ﻳﺴﻌﻪ ﻓﻴﻬﺎ - ﺑﻌﺪ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻋﻠﻴﻪ - ﺗﻘﻠﻴﺪ)" (.ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ
ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ":- ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞ ﻫﻤّﻪ ﻭﻣﻘﺼﺪﻩ
ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺨﻼﻑ،ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺬﻟﻚ،ﻭﻳﺤﺘﺮﻡ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﻭﻳُﻮَﻗّﺮﻫﻢ ﻭﻟﻮ ﺃﺧﻄﺄﻭﺍ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺘﺨﺬﻫﻢ ﺃﺭﺑﺎﺑﺎً ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﻪ،ﻫﺬﺍ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﻨﻌﻢ
ﻋﻠﻴﻬﻢ،ﺃﻣّﺎ ﺍﻃِّﺮﺍﺡ ﻛﻼﻣﻬﻢ،ﻭﻋﺪﻡ ﺗﻮﻗﻴﺮﻫﻢ: ﻓﻬﻮ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﻐﻀﻮﺏ ﻋﻠﻴﻬﻢ )" ( .ﺇﺫﺍ
ﻋﺮﻓﺖ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﻥّ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻭﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺃﻥ ﻳﺘﻘﻮﻩ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﻢ ﻭﺃﺻﻞ
ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻘﻰ ﺛﻢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ،ﻓﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻋﺒﺪ ﺃﻥ ﻳﺒﺬﻝ ﺟﻬﺪﻩ ﻓﻲ
ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻘﻴﻪ ﻣﻤﺎ ﺃﻣﺮﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻭﻧﻬﺎﻩ ﻋﻨﻪ، ﺛﻢ ﻳﻠﺘﺰﻡ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﻭﻣﺎ ﺧﻔﻲ
ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻬﻮ ﻓﻴﻪ ﺃﺳﻮﺓ ﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ﻣﻤﻦ ﻋﺪﺍ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ،ﻓﻠﻴﺲ ﺃﺣﺪ ﺑﻌﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺇﻻ ﻭﻗﺪ ﺧﻔﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻌﺾ ﺃﻣﺮﻩ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ
ﺃﺣﺪ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﻪ ﻭﺑﻠﻐﺘﻪ ﻗﻮﺍﻩ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻋﺬﺭﻩ ﻓﻴﻤﺎ ﺧﻔﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻨﻪ ﻓﺄﺧﻄﺄ ﺃﻭ
ﻗﻠﺪ ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮﻩ ،ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﻭﻋﺪﻟﻪ ﻭﺭﺣﻤﺘﻪ ،ﺑﺨﻼﻑ ﻣﺎ ﻟﻮ ﻓﺮﺽ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﻣﻦ ﺷﺎﺀﻭﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ،ﻭﺃﻥ ﻳﺨﺘﺎﺭ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺭﺟﻼ ﻳﻨﺼﺒﻪ ﻣﻌﻴﺎﺭﺍ
ﻋﻠﻰ ﻭﺣﻴﻪ ،ﻭﻳﻌﺮﺽ ﻋﻦ ﺃﺧﺬ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻭﺍﻗﺘﺒﺎﺳﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﺎﺓ ﺍﻟﻮﺣﻲ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻨﺎﻓﻲ
ﺣﻜﻤﺘﻪ ﻭﺭﺣﻤﺘﻪ ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﻪ ،ﻭﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺿﻴﺎﻉ ﺩﻳﻨﻪ ﻭﻫﺠﺮ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻭﺳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻟﻪ ،ﻛﻤﺎ
ﻭﻗﻊ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻭﻗﻊ ،ﻭﺑﺎﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ
ﻣﻨﻘﻮﻝ ﻣﻦ
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=101848