السؤال:
سائلة أو سائل يعاني من مسألة هذه طيور الجنة
الجواب:
والله هذه في الحقيقة تسمية في غير محلِّها، هذه تسمية الزُّور هذا الذي يسمُّونه طيور الجنة الأناشيد؛ هيَ في الحقيقة أغاني وبل بعضها فيه شركيات، ونحو ذلك، مثل ما سَمِعنا وتسمعون، وبعضها صوفية؛ تسمعون أيضًا يا طيبة يا طيبة يا دوا العيَّانَ، طيبة دوا العيان؟ دوا المريض؟! دواء المريض إنَّما هو بيد الله - جلَّ وعز - من الوحي بِمَا يتعلق بالروح، وفي الأدوية الحِسِّية بما يتعلق بالطِّب البشري، أمَّا المُدُن في حدِّ ذاتها ما كانت في يوم من الأيام دواءً للمرضى، ولكن هذه من نَزَعات المتصوِّفة.
فهذه القناة التي يقولون أنها طيور الجنة هذه في الحقيقة شر؛ فينبغي للأخ السائل أو الأخت السائلة ألَّا يُمَكِّن منها أولاده، وأن يحرص غاية الحرص على أن يصرفهم عنها، فإنَّها في الحقيقة لا خيرَ فيها، بل كما ذكَرَ عدد لي من السائلين أنَّها شَغَلَت كثير من الأطفال صاروا ما يحفظون إلَّا أناشيدها وشغلتهم حتى عن حفظ القرآن، تَجِد الصغير يردِّد هذه الأناشيد ويحفظها كثيرًا بينما لو تبغى تحفظه سورة من قصار السّور تتعب معه، فصدق ابن القيم "استبدلوا بالسماع الشرعي بالسماع البدعي" - نسأل الله العافية والسلامة - وهي بدأت أوَّل ما سَمِعنا بدون طبل ولا موسيقى، ولكن تطوَّرت والآن أصبحت مفتوحة لمَّا جاءت القناة صارت بالموسيقى وبالأنغام وبالأوتار فصارت أغاني، بل ومعها دَف الصنوج الذي فيه الجُلجُل، الدفوف التي فيها الجلجل تسمعها، فلا تُعَوِّد أولادك عليها، بل لا يجوز سَمَاعُها بحالٍ من الأحوال، وأنا قد أسمعني بعضهم شيئًا من هذه الأناشيد معها آلات الطَّرَب الموسيقية، بل أزيدكم أنه قد أراني لقطة فيها من ينشد كبير وعلى أُذنِيْه هذه السماعات التي يستخدمها المُغنُّون في الاستريوهات الكبيرة، صغار وهم يردِّدون خلفه حتى يحفظونها ثُمَّ يخرجونها الإخراج الذي سمعنا، فهذا لا يجوز سماعه، نسأل الله العافية والسلامة، وإذا نُشِّئ الطفل عليها استساغ بعد ذلك الأغاني الأخرى المحرَّمة، وفي الحقيقة هذا الذي كانت الصوفية قديمًا تُسمِّيه بالسماع - السماع الديني - يصرفونهم عن هذا السماع المحرَّم الذي هو بزعمهم الغناء على الأوتار والعيدان، صرفوهم إلى هذا السماع الذي يسمُّونَه النشيد الديني أو السماع الديني ثم عادَ بعد ذلك إلى الأوتار والعيدان، وفي هؤلاء يقول ابن القيم:
يا لذة الأسماع لا تتعوضي*** بلذاذة الأوتارِ والعيدانِ
إن اختيارك للسماع النازل *** الأدنى على الأعلى مِنَ النُّقصانِ
واللهِ ما انفكَّ الذي هو دأبه *** أبدًا من الإشراكِ بالرحمنِ
فالقلب بيتُ الله جل جلاله *** حبًّا وإخلاصًا مع الإذعانِ
فإذا تعلق بالسماع أصاره *** عبدًا لكل فلانةٍ وفلانِ
إلى أن قال :
ولذا نراه حظ ذي النقصان *** كالـجُهَّالِ والنسوانِ والصّبيانِ
سفهاء الناس صنف الفسقة، والثاني النسوان، والثالث الصبيان، فالصبيان لم يُتركوا تكلَّم عليهم أهل العلم وبَيَّنوا، فهذه فتحوها عليهم ليصرفوهم عن المهم النافع من حفظ كتاب الله - تبارك وتعالى -، وسُنَّة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -، ومن المتون العلمية النافعة، فاحرص حفظك الله أو احرصي حفظكِ الله؛ على أن تُجنِّبي أولادك هذا، واعلمي أو اعلم أنَّك مسئول عن هؤلاء الأولاد ويحتاجون إلى صبر وإلى جهاد.