ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ
ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ }ﻣﺎ ﻛُﻨْﺖَ ﺗَﺪْﺭِﻱ ﻣَﺎ ﺍﻟْﻜِﺘﺎﺏُ ﻭَﻻ ﺍﻟْﺈِﻳﻤﺎﻥُ{
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: } ﻭَﻛَﺬﻟِﻚَ ﺃَﻭْﺣَﻴْﻨﺎ ﺇِﻟَﻴْﻚَ ﺭُﻭﺣﺎً ﻣِﻦْ ﺃَﻣْﺮِﻧﺎ ﻣﺎ ﻛُﻨْﺖَ ﺗَﺪْﺭِﻱ ﻣَﺎ ﺍﻟْﻜِﺘﺎﺏُ ﻭَﻻ
ﺍﻟْﺈِﻳﻤﺎﻥُ ﻭَﻟﻜِﻦْ ﺟَﻌَﻠْﻨﺎﻩُ ﻧُﻮﺭﺍً ﻧَﻬْﺪِﻱ ﺑِﻪِ ﻣَﻦْ ﻧَﺸﺎﺀُ ﻣِﻦْ ﻋِﺒﺎﺩِﻧﺎ ﻭَﺇِﻧَّﻚَ ﻟَﺘَﻬْﺪِﻱ ﺇِﻟﻰ ﺻِﺮﺍﻁٍ
ﻣُﺴْﺘَﻘِﻴﻢٍ { ]ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ [52:
}ﻭَﻛَﺬﻟِﻚَ { ﺃﻱ: ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻭﺣﻴﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮُّﺳﻞ ﺃَﻭْﺣَﻴْﻨﺎ ﺇِﻟَﻴْﻚَ، ﻭﻗﻴﻞ: ﺍﻟﻮﺍﻭ ﻋﻄﻒ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﻝ
ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ، ﻓﺎﻟﻤﻌﻨﻰ: ﻛﺬﻟﻚ ﻧﻮﺣﻲ ﺇِﻟﻴﻚ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣِﻦْ ﻗﺒﻠﻚ.
}ﻭَﻛَﺬﻟِﻚَ ﺃَﻭْﺣَﻴْﻨﺎ ﺇِﻟَﻴْﻚَ ﺭُﻭﺣﺎً ﻣِﻦْ ﺃَﻣْﺮِﻧﺎ { ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻗﺎﻝ ﻣﻘﺎﺗﻞ:
ﻭَﺣْﻴﺎً ﺑﺄﻣﺮﻧﺎ.
ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: }ﻣﺎ ﻛُﻨْﺖَ ﺗَﺪْﺭِﻱ ﻣَﺎ ﺍﻟْﻜِﺘﺎﺏُ { ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳَﻌﺮﻑ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻗﺒﻞ
ﺍﻟﻮﺣﻲ } ﻭَﻟَﺎ ﺍﻟْﺈِﻳﻤﺎﻥُ { ﻓﻴﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﻮﺍﻝ:
ﺃﺣﺪﻫﺎ: ﺃﻧﻪ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻹِﻳﻤﺎﻥ، ﻗﺎﻟﻪ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ .
ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ:ﺷﺮﺍﺋﻊ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﻣﻌﺎﻟﻤﻪ، ﻭﻫﻲ ﻛﻠُّﻬﺎ ﺇﻳﻤﺎﻥ، ﻭﻗﺪ ﺳﻤَّﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﺑﻘﻮﻟﻪ: } ﻭَﻣﺎ ﻛﺎﻥَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻟِﻴُﻀِﻴﻊَ ﺇِﻳﻤﺎﻧَﻜُﻢْ { ﻫﺬﺍ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﺑﻦ ﻗﺘﻴﺒﺔ، ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ
ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ.
ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺃﻧﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳَﻌﺮﻑ ﺍﻹِﻳﻤﺎﻥ ﺣﻴﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻬﺪ ﻭﺇﺫْ ﻛﺎﻥ ﻃﻔﻼً ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺒﻠﻮﻍ،
ﺣﻜﺎﻩ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﻱ .
ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﺎ ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﺍﺑﻦ ﻗﺘﻴﺒﺔ، ﻭﺍﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ، ﻭﻗﺪ ﺍﺷﺘُﻬﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ
ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻨﺒﻮَّﺓ ﻳﻮﺣِّﺪ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻳُﺒْﻐِﺾ ﺍﻟﻼّﺕَ ﻭﺍﻟﻌُﺰَّﻯ، ﻭَﻳﺤُﺞُّ ﻭﻳﻌﺘﻤﺮ، ﻭﻳﺘَّﺒﻊ
ﺷﺮﻳﻌﺔَ ﺇِﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ . ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ: ﻣﻦ ﺯﻋﻢ ﺃﻥّ
ﺍﻟﻨﺒﻲّ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻦ ﻗﻮﻣﻪ، ﻓﻬﻮ ﻗﻮﻝ ﺳﻮﺀٍ، ﺃﻟﻴﺲ ﻛﺎﻥ ﻻ
ﻳﺄﻛﻞ ﻣﺎ ﺫُﺑﺢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨّﺼﺐ؟
ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻗﺎﻝ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :-
ﻭﻣﻌﻨﺎﻩ: ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻟﻢ ﻳﺰﺍﻟﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣِﻦْ ﺩﻳﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺣِﺞُّ ﺍﻟﺒﻴﺖ،
ﻭﺍﻟﺨﺘﺎﻥُ، ﻭِﺇﻳﻘﺎﻉُ ﺍﻟﻄﻼﻕ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺛﻼﺛﺎً، ﻭﺃﻥ ﻟﻠﺰﻭﺝ ﺍﻟﺮَّﺟﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻭﺍﻻﺛﻨﺘﻴﻦ،
ﻭﺩِﻳَﺔ ﺍﻟﻨَّﻔْﺲ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ، ﻭﺍﻟﻐُﺴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺎﺑﺔ، ﻭﺗﺤﺮﻳﻢُ ﺫﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﻡ ﺑﺎﻟﻘﺮﺍﺑﺔ
ﻭﺍﻟﺼّﻬﺮ، ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻹِﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ
ﺑﺸﺮﺍﺋﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺘﺎﻥ ﻭﺍﻟﻐُﺴﻞ ﻭﺍﻟﺤﺞ، ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻘﺮﺏ ﺍﻷﻭﺛﺎﻥ، ﻭﻳَﻌﻴﺒُﻬﺎ . ﻭﻛﺎﻥ ﻻ
ﻳَﻌﺮﻑ ﺷﺮﺍﺋﻊَ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺷَﺮَﻋﻬﺎ ﻟﻌﺒﺎﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻪ، ﻓﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ: }ﻣﺎ ﻛُﻨْﺖَ ﺗَﺪْﺭِﻱ ﻣَﺎ
ﺍﻟْﻜِﺘﺎﺏُ { ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ } ﻭَﻟَﺎ ﺍﻟْﺈِﻳﻤﺎﻥُ { ﻳﻌﻨﻲ ﺷﺮﺍﺋﻊ ﺍﻹِﻳﻤﺎﻥ ﻭﻟﻢ ﻳُﺮِﺩِ ﺍﻹِﻳﻤﺎﻥَ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ
ﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻷﻥ ﺁﺑﺎﺀﻩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﺎﺗﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸِّﺮﻙ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺆﻣِﻨﻮﻥ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﻳﺤﺠُّﻮﻥ ﻟﻪ
ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﻊ ﺷِﺮﻛﻬﻢ .
ﺯﺍﺩ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻻﺑﻦ ﺍﻟﺠﻮﺯﻱ ) 70/4 ( ) 71