ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ، ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ
ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪُ :
ﻣﻦ ﺗﺄﻣﻞ ﻣﺆﻟﻔﺎﺕ ﻭﺷﺮﺡ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ
ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌﺜﻴﻤﻴﻦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺟﺪﻩ ﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﻣﺠﺎﻻ ﻷﻱ
ﺷﺒﻬﺔ ﺗﺮﺩ ﻓﻲ ﻋﻘﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻻ ﻭﻃﺮﺣﻬﺎ ﻭ ﻃﺮﺡ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﻬﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺴﺄﻟﻪ
ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻗﻠﺒﻨﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻠﻤﺎ ﻭ ﻓﻬﻤﺎ ﻭ ﺣﺮﺻﺎ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣِﻨﺎ ، ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻳﻮﺭﺩ ﺍﻟﺸﺒﻪ ﻭ ﻳﻄﺮﺡ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﺳﻌﻴﺎ ﻣﻨﻪ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺇﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭ ﺇﺯﺍﺣﺔ ﺍﻟﺸﺒﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺎﺑﻪ ﻣﺎ
ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﻟﺬﻟﻚ ﺳﺒﻴﻼ ، ﻓﺠﺰﺍﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﺔ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺠﺰﺍﺀ ﻭ
ﺗﻘﺒﻞ ﻣﻨﻪ ﻭ ﻏﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻨﺎ ﻭﻟﻪ .
ﻭﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺳﻨﺤﺎﻭﻝ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ، ﺟﻤﻊ
ﺍﻟﺸﺒﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺟﺎﺏ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ
ﻣﺤﺎﺿﺮﺍﺗﻪ ﻭ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ ، ﻭﻟﻌﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻻﺣﻖ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﻧﺮﺗﺒﻬﺎ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﺜﻴﻤﻴﻦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ ﻟﺴﻮﺭﺓ
ﺍﻟﻔﺎﺗﺤﺔ :
ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ، ﻭ ﻟﻜﻦ ﻛﺄﻧﻲ ﺑﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﻜﻢ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻧﻚ
ﺗﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ، ﻭﻗﺪ ﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻟﻐﻴﺮﻩ
ﻓﻘﺎﻝ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ : " ﺃﻭ ﻣﺎ ﻣﻠﻜﺘﻢ ﻣﻔﺎﺗﺤﻪ " ﻭ ﻗﺎﻝ " ﻭ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﻳﺒﺘﻐﻮﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻤﺎ ﻣﻠﻜَﺖ ﺃﻳﻤﺎﻧﻜﻢ " ﻭﻗﺎﻝ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ
ﺃﺯﻭﺍﺟﻬﻢ ﻭﻣﺎ ﻣﻠﻜﺖ ﺃﻳﻤﺎﻧﻬﻢ " ﻓﻜﻴﻒ ﺗﻘﻮﻝ ﺇﻧﻪ ﻻ ﻣﺎﻟﻚ
ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ؟ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ : ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻜﻪ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻓﻬﻮ ﺟﺰﺀ ﻣﻤﺎ ﻳﻤﻠﻜﻪ
ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻤﻠﻚ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻧﺎﻗﺺ ﻗﺎﺻﺮ ﻟﺬﻟﻚ ﺃﻧﺎ ﺃﻣﻠﻚ ﺣﻘﻴﺒﺔ
ﺩﺭﻭﺱ ﻭﺃﻧﺖ ﻻ ﺗﻤﻠﻜﻬﺎ ، ﺃﻭ ﺃﻧﺖ ﺗﻤﻠﻚ ﺣﻘﻴﺒﺔ ﺩﺭﻭﺳﻚ ﻭ
ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﻣﻠﻜﻬﺎ، ﺇﺫﺍ ﻣﻠﻜﻲ ﻗﺎﺻﺮ ﺃﻭ ﺷﺎﻣﻞ ؟ ﻗﺎﺻﺮ، ﻭﻣﻠﻚ
ﺍﻟﻠﻪ ﺷﺎﻣﻞ، ﻭﻣﻠﻚ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻳﻀﺎ ﻗﺎﺻﺮ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ
ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ، ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﺼﺮﻑ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻪ ﻛﻴﻒ
ﻳﺸﺎﺀ ، ﻟﻮ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳُﺘﻠِﻒ ﻣﺎﻟﻪ ؟ ﻳﻤﻠﻚ ؟ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ، ﻭ ﺇﺫﺍ
ﺃﺗﻠﻔﻪ ﻓﻬﻮ ﺁﺛﻢ ﻭ ﺇﺫﺍ ﺃﺗﻠﻔﻪ ﺣﺠﺮﻧﺎﻩ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻣﻨﻌﻨﺎﻩ ﻣﻦ
ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ، ﻟﺬﻟﻚ ﻧﻬﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ – ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ –
ﻋﻦ ﺇﺿﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺎﻝ * : ﻓﺄﻧﺎ ﻻ ﺃﻣﻠﻚ ﺇﺿﺎﻋﺔ ﻣﺎﻟﻲ ﺃﻭ ﺇﺗﻼﻓﻪ ،
ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻳﺸﺎﺭﻛﻮﻧﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ، ﻟﻜﻦ ﺃﻧﺎ ﻻ
ﺃﻣﻠﻚ ﺇﺿﺎﻋﺘﻪ ، ﻓﺎﻧﺘﺒﻬﻮﺍ ﻳﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ، ﺇﺫﺍ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻗﺎﺻﺮ
ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺸﻤﻮﻝ ﻭﻗﺎﺻﺮ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ، ﺃﻣﺎ ﻣﻠﻚ
ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻬﻮ ﺷﺎﻣﻞ ﻭﻣﻠﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺎﻡ ، ﻳﺘﺼﺮﻑ ﻓﻲ ﺧﻠﻘﻪ ﻛﻤﺎ
ﻳﺸﺎﺀ : ﻳﻌﻄﻲ ﻭﻳﻤﻨﻊ ﻳﻌﺰ ﻭﻳﺬﻝ ﻳﺤﻴﻲ ﻭ ﻳﻤﻴﺖ ﻳﺮﻓﻊ ﻭ
ﻳﺨﻔﺾ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻪ ..
] ﻟﺘﺤﻤﻴﻞ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﻮﺗﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ [
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
* : ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ ، ﻗَﺎﻝَ : ﻗَﺎﻝَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ : " ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺮْﺿَﻰ ﻟَﻜُﻢْ ﺛَﻠَﺎﺛًﺎ ﻭَﻳَﻜْﺮَﻩُ ﻟَﻜُﻢْ ﺛَﻠَﺎﺛًﺎ ،
ﻓَﻴَﺮْﺿَﻰ ﻟَﻜُﻢْ ﺃَﻥْ ﺗَﻌْﺒُﺪُﻭﻩُ ﻭَﻟَﺎ ﺗُﺸْﺮِﻛُﻮﺍ ﺑِﻪِ ﺷَﻴْﺌًﺎ ، ﻭَﺃَﻥْ ﺗَﻌْﺘَﺼِﻤُﻮﺍ ﺑِﺤَﺒْﻞِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺟَﻤِﻴﻌًﺎ ، ﻭَﻟَﺎ ﺗَﻔَﺮَّﻗُﻮﺍ ، ﻭَﻳَﻜْﺮَﻩُ ﻟَﻜُﻢْ ﻗِﻴﻞَ ،
ﻭَﻗَﺎﻝَ ، ﻭَﻛَﺜْﺮَﺓَ ﺍﻟﺴُّﺆَﺍﻝِ ، ﻭَﺇِﺿَﺎﻋَﺔِ ﺍﻟْﻤَﺎﻝِ " . ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ .