أمور لا يطيع فيها الزوج زوجته
للشيح محمد بن هادي المدخلي حفظه الله
قال الشيخ محمد بن هادي حفظه الله معلقًا على قول ابن بطة رحمه الله الذي ذكره في معرض ذكر المنهيات الشرعية"وَأَنْ يُطِيعَ عِرْسَهُ":يعني: لا ينبغي لهُ أنْ يُطيعَ زوجتهُ، فعِرْسَهُ هنا: بكسر العين، وإسكان الرَّاء، وفتح السِّين، هي الزَّوجة.
• ويقول رحمه الله "في الخروج إلى العُرُسَات":
بضمِّ العين والرَّاء، وفتح السِّين.
• "والنِّيَاحَاتِ والعُرسات":
جمع عُرْس، والعُرس هو طعام الوليمة، ويقالُ: أعراس، والسَّبب في المنع للنِّساء من الحضور إليها؛ هو ما يكون فيها من كثيرٍ من المنكرات التي تقع وتحدث، فيكونُ حينئذٍ سائقًا لأهله إلى المُنكرات، وهو مأمورٌ بحفظهم وصيانتهم وتجنيبهم المنكرات.
وقوله -رحمه الله-: "والنِّيَاحَاتِ" مأخوذٌ من النَّوح، والنَّوح هو رفع الصَّوت بالبكاء على الميِّت، كما كان النِّساء في الجاهلية يجتمعنَ ويصحنَ ويبكينَ، ويحثينَ على رؤوسهنَّ التُّراب حزنًا على الميّت؛ هذا هو النَّوح، رفع الصَّوت بالبكاء على الميِّت، وهو من عادات الجاهلية، فهذا لا يجوز، ولا ينبغي للإنسان أن يترك أهله، عِرْسَهُ، زوجته، تذهب إلى أماكن النّياحات هذه، وهذا باقٍ في أمَّة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد أخبر عنه -عليه الصَّلاة والسَّلام- حيث قال: ((أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ))، وذكر منها النِّياحة، [خرّجهُ مسلمٌ في "صحيحه"]، فالنِّياحة أمرٌ منكرٌ من أمر الجاهلية؛ والنبي - عليه الصَّلاة والسَّلام - قد أخبر عن أمر النَّائحة: أنها تأتي يوم القيامة إذا لم تتب وعليها سربالٌ من جرب؛ -نعوذ بالله من ذلك-، هذا يدلُّ على عظيم فعلهنَّ، ونكارته وشناعته، فلا يجوز للإنسان أن يلقي بأهله إلى هذه الأماكن الَّتي فيها عادات الجاهلية، وسيأتي الكلام عليها منفردةً، النِّياحة بالذَّات؛ عندكم، سيذكرها المصنّف -رحمه الله- مفردة في صفحة: (356)، فقرة: (440).
• وقال:"وَالْحَمَّامَاتِ":
يعني: كذلك ولا يجوز له أن يترك أهله يذهبنَّ إلى الحمّامات.
والحمّامات: هي الأماكن المخصصّة للاستحمام والتّنظّف، وليس المقصود بها محلات قضاء الحاجة، كما هو في عُرف النّاس اليوم الغالب، وإلَّا فالحمّامات المُراد بها: يعني: قريب من الحمَّامات البُخاريّة الآن، تُجعل في المواقع، وقديمًا كانت هذه في بلاد الشَّام، وفي ما جاورها؛ لأنَّها بلادٌ باردةٌ، والنَّاس يحتاجون إلى التَّنظُّف، وفي فصل الشِّتاء يشتدّ عليهم هذا، فيذهبون إلى الحمَّامات هذه المخصَّصة للتَّنظُّف؛ فإنهم يجدون بها الرَّاحة، ويتنظَّفون بأقل كلفة مما لو عانوه هم، فالنبي صلى الله عليه وسلم أيضًا قد نهى عن هذا، فقد جاء في حديث جابرٍ رضي الله عنه كما ذكره عندكم المحشّي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ)). رواه أحمد، والنَّسائي، والتِّرمذيُّ وحسَّنه، والحاكم وصحَّحه على شرط مسلمٍ، ووافقه الذَّهبي، وأيضًا جاء عن أبي المَليح الهُذليّ -رحمه الله-: أن نساءً من أهل حمص، أو من أهل الشَّام دخلن على عائشة -رضي الله عنها-، فقالت لهن: " أنتنَّ اللائي يدخلنَ نساؤكنَّ الحمامات؟ سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((مَا مِنْ امْرَأَةٍ تَضَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا؛ إِلَّا هَتَكَتْ السِّتْرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا)) خرّجه الإمام أحمد، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والحاكم وصحَّحه.
فالشَّاهد: أنَّ نساء المُسلمين ينبغي لهنَّ أنْ يتحصَّنَّ، وينبغي لهنَّ أنْ يتركنَ الذَّهاب إلى مثل هذه الأماكن؛ لأنَّ هذه الأماكن مفتوحةً عامَّةً، فقد يسرق النَّظر إليها رجلٌ وهي لا تراه؛ فينبغي للمرأة المؤمنة أنْ تصون نفسها عن الذَّهاب إلى مثل هذه الأماكن، والرِّجال كذلك إذا كان فيها كشف العورة، وللأسف الآن النَّاس لا يُبالي كثيرٌ منهم بهذا، وهذه الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما سمعتم.
يتبع