نوفمبر 2024 | الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|
| | | | | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | اليومية |
|
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى | |
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر | |
|
| شرح لمعة الاعتقاد | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ام عبد الرحمن مديرة الموقع
الدولة : الجزائر الجنس :
عدد المساهمات : 794 نقاط : 5586 تستحق : 7 تاريخ التسجيل : 30/10/2013 الموقع : في ارض الله الواسعة
| موضوع: شرح لمعة الاعتقاد الخميس نوفمبر 14 2013, 09:44 | |
| هذه دروس علمية قيمة بعنوان شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد، لفضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ والتي ألقاها في مسجد حمزة بن عبد المطلب بالدمام ابتداء من فجر الثلاثاء 28من شهر الله المحرم 1413هـ حتى فجر الخميس غرة شهر صفر 1413هـ وقد كانت هذه الدروس بإشرافٍ من مركز الدعوة والإرشاد بالدمام. بسم الله الرحمن الرحيم 1- الحَمْدُ للهِ المحمُودِ بِكُلِّ لِسانٍ، المعبودِ في كُلِّ زَمانٍ، الَّذِي لا يَخْلُو مِنْ عِلْمِهِ مَكانٌ، ولا يشغَلُه شانٌ عن شانٍ، جلَّ عَنِ الأشباهِ والأنْدادِ، وتَنَزَّهَ عَنِ الصَّاحِبَةِ والأولادِ، ونَفِذَ حُكمُهُ في جميعِ العبادِ، لا تُمَثِّلُهُ العقولُ بالتفكيرِ، ولا تَتَوَهَّمُهُ القلوبُ بالتصوير، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[الشورى:11]، لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى( ) والصفاتُ العُلى، الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى(5)لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى(6)وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى[طه:5-7]، أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا[الطلاق:12]، وقَهَرَ كلَّ مخلوقٍ عِزَّةً وحُكْمًا، ووسِعَ كلَّ شيءٍ رحمةً وعِلمًا، يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا[طه:110]، مَوْصوفٌ بما وصفَ به نفسَهُ في كتابِهِ العظيمِ، وعلى لسانِ نَبِيِّهِ الكريمِ. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد: فهذه الرسالة الموسومة بلُمعة الاعتقاد من نبذ العقيدة؛ يعني من متونها المختصرة، وقد ضمّت مباحث الاعتقاد، وأثنى عليها العلماءُ بعد الموفَّق رحمه الله تعالى، وهي حقيقةٌ بأن تفصل كلماتها وجُملها، وأن تُبين مباحثُها بشيء من التفصيل، ولمّا كانت هذه الأيام الثلاث التي نستقبلها لا تكفي ولا تفي؛ بأن تُشرح هذه العقيدة شرحا وافيا، لهذا سنمرُّ عليها مرورا فيه إيضاحُ كثير من مسائلها على شكلِ ووجه الإيجاز. وهذه الخطبة التي ذكر المؤلف بين يدي كتابه ورسالته، فيما يسميه علماء البلاغة براعة الاستهلال؛ و براعة الاستهلال يعتني بها أهل العلم، ومعناها أن يُضمِّنوا الخطبة التي بين يدي كتبهم، أو بين يدي كلامهم وخطبهم؛ يضمنونها ما سيتكلمون به أو يُفصِّلونه، فلما كان بحثُ هذا الكتاب في الاعتقاد، وفي تنزيه الله جل وعلا، وما يستحقه جل وعلا، وهذا أعلى وأعظم ما في مباحث الاعتقاد, ضمّن هذه الخطبة الثناء على الله جل وعلا، وذِكر استواءه جل وعلا على عرشه، وذِكر علمه جل وعلا واحاطته بكل شيء، وذَكر أنه جل وعلا موصوف بما وَصف به نفسه، وغير ذلك مما بيَّنه في هذه الخطبة، وأمّا خطبة الحاجة المشهورة التي وردت في حديث ابن مسعود وغيره، مِن أن النبي كان يقول بين يدي حاجاته ”إن الحمد لله نحمده ونستعينه...“ إلى آخره، فهذه مشروعةٌ بين يدي الحاجات وكثيرا ما كان يقولها عليه الصلاة والسلام، ولكن ليس هذا أمرا مطَّردا، ولهذا أهل العلم تارة يبدؤون كتبَهم وخطبهم ومؤلفاتهم بتلك الخطبة المعروفة بخطبة الحاجة، وتارة يجعلون خطبهم مذكورة بما يريدون ذكره في خطبتهم أو مؤلفهم أو رسالتهم، وهذا هو الذي أسلفتُ لك أنه يسمى براعة الاستهلال، ولهذا يجتهد أهل العلم في الابتداء بمثل هذا اللفظ العظيم الموجز الذي يدلّ على المراد، بل ويتنافس العلماء في أن يُضمِّنوا صدور خطبهم لكتبهم ولغيرها ما يريدون إيضاحه في كتبهم أو في خطبهم ونحو ذلك. المسألة الثانية أن مباحث الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة مبنية على شرح أصول الإيمان الستة؛ ألا وهي الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره من الله تعالى؛ فالإيمان بالله يشمل الإيمان بأنه جل وعلا واحد في إلـهيته مستحق للعبادة دونما سواه، والإيمان بأسمائه جل وعلا وصفاته، وأنه واحد في أسمائه وصفاته لا شبيه له ولا مثيل في أسمائه وصفاته، وهذا البحث -أعني الكلام على الإيمان بالله- لم يكن في أول الإسلام -يعني في القرون الأولى-؛ لم يكن ثَمََ حاجة إلى إفراد الكلام عن توحيد الألوهية بخصوصه؛ وإنما كانوا يكتفون بالإجمال فيه لأجل عدم وقوع الشرك في هذه الأمة وعدم ظهوره، فكانت جُل مباحث الاعتقاد فيما يتصل بمبحث الإيمان بالله عن الأسماء والصفات، وغيرُها يُعرض له بشكلٍ من الإجمال، لكن لما ظهر الشركُ وفشى كان لزاما أن يفرد هذا بالتصنيف، ولهذا لا تجد في مباحث الاعتقاد التي في هذه الرسالة الكلام مفصلا عن توحيد العبادة وعن توحيد الالهية بما اعتنى به العلماء من بعد، وإنما تجد الكلام مفصلا في مباحث توحيد الأسماء والصفات، وهذا لأجل الحاجة إليه في زمن تأليف مثل تلك الرسالة، فكلَّما كانت حاجة العباد إلى إيضاح أمر أكثر كلما اعتنى به أهل العلم، وأظهرُ إذن كتبُ توحيد الإلــهية توحيد العبادة مثل كتاب التوحيد، وكشف الشبهات، وثلاثة الأصول ونحوها من الكتب هذه فيها بيان لتوحيد الإلهية الذي هو أحد مباني العقيدة في ركنه الأول وهو الإيمان بالله. ثم يذكر الإيمان بالملائكة والكتب والرسل -كما سيأتي إيضاحه إن شاء اللهُ تعالى-، ثم الإيمان باليوم الآخر وهذا يدخل فيه الإيمان بالغيبيات، إذا أتى أهل العلم للكلام على اليوم الآخر والإيمان به فإنهم يذكرون الكلام على الغيبيات وما يجب على المسلم اعتقاده فيها، وطريقة أهل السنة والجماعة فيها المخالِفة والمنابِذة لطرق أهل الزيغ والضلال والبدعة، ثم الإيمان بالقدر خيره وشره، فإذا تم بيان أركان الإيمان الستة ذكروا ما يتبع ذلك من أمور الاعتقاد التي اعتنى بها أهل السنة والجماعة؛ وهي في أصلها ليست من مسائل الاعتقاد، لكنها أُدرجت في مسائل الاعتقاد لأجل الحاجة إليها من جهة أن أهل السنة والجماعة خالفوا فيها أهل الزيغ والضلال وأهل البدعة والفرقة؛ من مثل الكلام في الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ومن مثل الكلام في أمهات المؤمنين جميعا على المؤمنين بعامة، ومن مثل الكلام في الإمامة وما يجب من طاعة أولي الأمر في المعروف، وأن الإمامة واجبة، وأن البيعة للإمام الذي بُويع أنها متعيِّنة، ولا يجوز الخروج على الأئمة بجورهم وتجب الصلاة خلفهم والجهاد معهم، ونحو ذلك من مباحث الإمامة التي خالف بها أهل السنة والجماعة الخوارج والمعتزلة ومن شابههم, كذلك يذكرون من مباحث الاعتقاد مثل المسح على الخفين، وذلك مخالفة لمن لا يرى المسح على الخفين، كذلك يذكرون في مباحث الاعتقاد كرامات الأولياء وما يُجري الله على أيديهم من أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات كما هو معلوم ويبسطون ذلك لأجل وجود من يُخالف في الأولياء وفي كراماتهم من جهة إنكارها تارة كما فعلت المعتزلة، ومن جهة الغلو في الأولياء حتى جعلتهم طائفة فوق منزلة الأنبياء، وهكذا مسائل الأخلاق تُذكر ضمن مسائل اعتقاد أهل السنة والجماعة. إذن فمعتقد أهل السنة والجماعة يشمل هذه الأمور جميعا، وليس معتقد أهل السنة والجماعة خاص بالاعتقاد في الله جل وعلا وأسمائه و صفاته واليوم الآخر والقدر كما قد يُظن؛ بل معتقد أهل السنة والجماعة يشمل هذا جميعا، لأنه به فارقوا أهل البدع والزيغ الذين يردُّون النصوص، ولا يلتزمون بالسنة، ولا يخضعون لها ويحكِّمونها على أنفسهم تحكيما تاما، وبهذا التوجّه تميَّز أهل السنة بأنهم يعظمون السنة ويعظمون أهلها، وينبذون من خالفها أو خالف أئمتها. إذن فنحن فيما نستقبل إن شاء اللهُ تعالى سنعرض بإيجاز لهذه المباحث التي سيذكرها المؤلف بدون تطويل ولا تفصيل، مع أنه كان ينبغي أن تُفَصَّل، لكن لما كان الوقت قصيرا فإننا نكتفي بإشارات مجملة. يتبع | |
| | | ام عبد الرحمن مديرة الموقع
الدولة : الجزائر الجنس :
عدد المساهمات : 794 نقاط : 5586 تستحق : 7 تاريخ التسجيل : 30/10/2013 الموقع : في ارض الله الواسعة
| موضوع: رد: شرح لمعة الاعتقاد الخميس نوفمبر 14 2013, 09:50 | |
| - وكلُّ ما جاءَ في القرآنِ أو صَحَّ عنِ المصطفى عليه السلامُ منْ صفاتِ الرحمنِ وَجَبَ الإيمانُ بِهِ وتَلَقِّيهِ بالتَّسْليمِ والقَبُولِ، وتَرْكِ التَّعَرُّضِ لَهُ بالرَّدِّ والتَّأْويلِ، والتَّشْبِيهِ والتَّمْثِيلِ. وما أَشْكَلَ مِنْ ذلك وَجَبَ إثْباتُه لفْظا، وتَرْكُ التَّعَرُّضِ لِمعْناه، ونرُدُّ عِلْمَه إلى قائله، ونجعلُ عُهْدَتَهُ على ناقِلِه، إتِّباعا لطريقِ الرَّاسِخِين في العِلْمِ، الّذين أثْنَى اللهُ علَيْهِم في كتابِهِ المُبين بقوله سبحانَهُ وتعالىوَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا[آل عمران:7]، وقالَ في ذَمِّ مُبْتَغِي التَّأْوِيلِ لمتشابِهِ تَنْزِيلِهِفَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ[آل عمران:7]، فَجَعَلَ ابْتِغَاءَ التَّأْويلِ علامَةً الزَّيْغِ وقَرَنَهُ بابْتِغَاءِ الفِتْنَةِ في الذَّمِّ، ثم حَجَبَهُمْ عمَّا أَمَّلُوهُ، وقَطَعَ أَطْمَاعَهُمْ عمَّا قَصَدُوهُ، بقوله تعالىوَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ[آل عمران:7]. هذا بيان للأصل الأول؛ ألا وهو أنّ أهل السنة والجماعة تميّزوا عن غيرهم بالتسليم لما جاء به الرسول من القرآن العظيم ومن سنته عليه الصلاة والسلام، فسنة النبي وحي، والقرآن كلام الله جل وعلا، فما أتانا في الكتاب والسنة وجب اعتقاده والتسليم له، وتصديقه في الأخبار، وإتباعه في الأمر والنهي والأحكام. وهاهنا ذكر المؤلف أن ما أشكل من النصوص وجب الإيمان به لفظا وترك التعرض لمعناه، وهذا لأنّ أهل السنة والجماعة قالوا: إن النصوص - نصوص الكتاب والسنة- واضحة بيّنة. لأن الله جل وعلا أنزل كتابه وجعله واضحا بيِّننا بلسان عربي مبين. o وجعله محكما كما قال جل وعلاالر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ[هود:1]؛ فجعل جل وعلا كتابه كله محكما؛ يعني بيّنا واضحا لا يستبهم معناه، ولا يغمض ما دل عليه على الناس. o كذلك هو جل وعلا ذكر أن كتابه متشابه، فقال جل وعلااللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا[الزمر:23] فجعله كلّه متشابها ومعنى ذلك أنه يشبه بعضُه بعضا. o وفي آية آل عمران جعل جل وعلامِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ[آل عمران:7] وهذا يعني أنّه منه ما هو واضح بيّن، ومنه ما هو مشتبه. فكيف نجمع بين هذه الآيات الثلاث؟ المؤلف ذكر الخلاصة لكن تحتاج إلى إيضاح. فنقول: القرآن محكم كله، ومتشابه كله، ومنه محكم ومنه متشابه: فالإحكام بمعنى الوضوح والبيان فهو كله واضح بيّن على جنس الأمة، قد لا يكون واضحا بينا لكل أحد، لكنه واضح بيّن لجنس الأمة. كذلك وصفه بأنه متشابه بقولهاللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا[الزمر:23] يعني يشبه بعضه بعضا، فهذا أمر وهذا أمر، وهذا نهي وهذا نهي، وهذا خبر وهذا خبر، وهذا وصف للجنة وذاك للجنة، وهذه قصة لنبي من الأنبياء وهذه قصة للنبي نفسه، وهكذا بعضه يشبه بعضا. أمّا الثالث -يعني القسم الثالث- هو ما ذُكـر في آية آل عمران بقولهمِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ[آل عمران:7] يعني بعضه محكم واضح المعنى بيِّن الدلالة، وبعضه ليس كذلك؛ مشتبه المعنى ومشتبه الدِّلالة، وهذا المشتبه المعنى والمشتبه الدِّلالة لا يوجد في القرآن ولا في السنة عند أهل السنة والجماعة بمعنى التشابه المطلق؛ يعني أن قوله تعالىوَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ[آل عمران:7] يُعنى به التشابه النسبي الإضافي؛ يعني أنه يشتبه على بعض الناس دون بعض، أمّا التشابه المطلق بحيث يقال هذه الآية من المتشابه، أو يقالالـم( ) هنا من المتشابه يعني لا أحد يعلم معناه فهذا من الخطأ، ولا يقول به أهل السنة، بل أهل السنة يقولون: إنه يُمكن أن توجد الآيات تشتبه على بعض أهل العلم فلا يُعلم معناها. لا يُعلم معناها من جهة هذا المطالع، لكن ليس من جهة الأمة بأجمعها، فيعلم بعض أهل العلم المعنى، والبعض الآخر لا يعلم المعنى، ولهذا ابن عباس لمّا تلا هذه الآية قال ”أنا ممن يعلمون تأويله“ فإذن يُقال هذه الآية من المتشابه لا يوجد المتشابه المطلق؛ يعني الذي لا يعلم أحد معناه، بل لابد أن يوجد في الأمة من يعلم معنى كل نص، فالقرآن نزل بلسان عربي مبين، نزل ليهتدي به الناس، كذلك السنة، فلا يوجد نص يشتبه على جميع أهل العلم وعلى الأمة, لا، وهذا القول بأنه هناك ما يشتبه على الجميع، ولا يفهم معناه الجميع، هذا إنما هو قول أهل البدع. فإذن المؤلف هنا قسم إلى قسمين: باعتبار بعض الناس لا باعتبار الجميع فقال (النصوص نتلقاها بالتسليم والاعتقاد من غير أن نرُدها أو نُشبِّه أو نمثل) وهذا هو في القسم الأول يعني الآيات المحكمات الواضحات. ما اشتبه عليك قال (وجب الإيمان به لفظا) وهذا اللفظ الذي ذكره في قوله (وجب الإيمان به لفظا) مما أُنتقد على الإمام موفق الدين بن قدامة فإنه في هذه العقيدة الموجزة اُنتقدت عليه ثلاث مسائل هذه أولها وهي قوله (وجب الإيمان به لفظا) ويمكن أن يُخَرَّجَ كلامه يعني أن يُحمل على محمل صحيح أما الانتقاد فهو أن يُقال: إن الواجب أن نؤمن به لفظا ومعنىً، لكن إذا جهلنا المعنى نؤمن بالمعنى على مراد الله جل وعلا، أو على مراد الرسول ،كما سيأتينا من كلمة الإمام الشافعي أنه قال ”آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله“ يعني إذا جهل المعنى, فإذا جهلتَ المعنى تؤمن باللفظ والمعنى لكن المعنى على مراد من تكلم به، ووجه الانتقاد الذي اُنتقد به الإمام ابن قدامة في هذه اللفظة أنه يجب الإيمان باللفظ والمعنى، أمّا الإيمان بلفظ مجرد عن المعنى فهذا هو قول أهل البدع؛ الذين يقولون: نحن نؤمن بألفاظ الكتاب والسنة دون إيمانٍ بمعانيها لأن معانيها قد تختلف. والجواب أن هذا غلط بل معاني الكتاب والسنة هي على المعنى العربي فالقرآن نزل بلسان عربي، والنبي تكلم بلسان عربي، فلهذا وجب أن يُؤْمَنَ بالكتاب والسنة على ما تقتضيه لغة العرب، وعلى ما يدل عليه اللسان العربي، وهذا أصل من الأصول لكن إذا اشتبه عليك المعنى؛ كلمة في القرآن ما علمت معناها, حديثا إمّا في الصفات أو في الغيبيات لم تعلم معناه، نقول نؤمن به لفظا ومعنىً؛ يعني معناه مفهوم، لكن على مراد الله، ومراد رسوله ، وهذا هو الذي جاء في الآية حيث قال جل وعلافَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا[آل عمران:7]. هنا قال (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) ماذا يُعنى بهذا التأويل؟ إذا قلنا أن كل آية لابد أن نعلم معناها وكل حديث لابد أن يوجد في الأمة من يعلم معناه فما معنى (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ)؟ الجواب أن ما أنزل الله جل وعلا على قسمين: 1. إمّا أن يكون أخبارا. 2. وإمّا أن يكون أحكاما. وتأويل الأخبار يكون بوقوعها. وتأويل الأحكام؛ الأمر والنهي يكون بإيقاعها. فقول الله جل وعلا هنا (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) يعني تلك الأخبار ما يعلم تأويلها إلا الله، لأن الله جل وعلا هو الذي يعلم حقيقة ما تؤول إليه، أو يعلم ما تؤول إليه حقيقة تلك الألفاظ وتلك الآيات، وذلك أن التأويل في القرآن أتى بمعنيين لا ثالث لهما: الأول: التأويل بمعنى ما تؤول إليه حقيقة الشيء وهذا كما في قوله تعالىهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ[الأعراف:53] الآية (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ) يعني ما تؤول إليه حقيقة أخباره وأحكامه، فحقيقة الأخبار تؤول إلى ظهورها من الصفات والغيبيات، كذلك الأحكام حقيقتها تؤول إلى ظهور أثر من تمسك بها وامتثلها ممن عصى وخالف، هذا المعنى الأول. المعنى الثاني: وهو فرع عن هذا، التأويل بمعنى التفسير قالأَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ[يوسف:45] بتأويله يعني بتفسير الرؤيا، وهذا مرتبط بالمعنى الأول؛ يعني الحقيقة التي تؤول إليها الرؤيا في الواقع المشاهَد. فإذن قوله هنا (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) ليس هو التأويل الحادث الذي يقوله بعض أهل الأصول؛ وهو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى غيره لمرجح أو لقرينة تدل عليه. لا، هذا إنما هو اصطلاح حادث، أما التأويل فهو في القرآن والسنة له معنيان لا غير. فإذن قوله هنا (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) فإذا كان في آيات الصفات ووقفنا على هذه الآية وقلنا (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) ووقفنا، فنريد بالتأويل ما تؤول إليه حقيقة الأسماء والصفات يعني الكيفية لا يعلم الكيفية؛ وهي الحقيقة التي تؤول إليها آيات الأسماء والصفات والأحاديث التي فيها الأسماء والصفات، لا يعلم كيفية اتصاف الله جل و علا بها إلا هو سبحانه، وإذا أُريد بالتأويل معنى التفسير لا الكيفية فإن الراسخين في العلم يعلمون، ولهذا طائفة من السلف يرون الوقف على كلمة (الْعِلْمِ) يقولون (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) ويقف، لأن الراسخون في العلم يعلمون المعنى، لكن لا يعلمون الكيفية، فإذا كان الاشتباه واقع في المعنى كان الراسخون في العلم ممن يعلمون، وإذا كان الاشتباه وقع في الكيفية كان العلم مقصورا على ربِّ الأرض والسماوات. وهذا معنى قوله (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) ولهذا قال ابن عباس: أنا ممن يعلم تأويلَه. يتبع | |
| | | ام عبد الرحمن مديرة الموقع
الدولة : الجزائر الجنس :
عدد المساهمات : 794 نقاط : 5586 تستحق : 7 تاريخ التسجيل : 30/10/2013 الموقع : في ارض الله الواسعة
| موضوع: رد: شرح لمعة الاعتقاد الخميس نوفمبر 14 2013, 09:52 | |
| - قالَ الإمامُ أبو عبدِ اللهِ أحمدُ بنُ محمدٍ بنِ حنبلٍ في قولِ النَّبي «إنَّ اللهَ ينزِلُ إلى سماءِ الدُّنْيَا»و«إنَّ الله يُرى في القيامَةِ» وما أشبه هذه الأحاديثَ، قال: نؤمِنُ بها ونُصَدِّقُ بها لا كَيْفَ ولا مَعْنَى ولا نَرُدُّ شيئا منْها، ونَعْلَمُ أنَّ ما جاءَ به الرَّسولُ حقٌّ، ولا نَرُدُّ على رسولِ اللهِ ولا نَصِفُ اللهَ بأكْثَرَ مما وَصَفَ بِهِ نفسَهُ، بِلاَ حَدٍّ ولا غايَةٍلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[الشورى:11]. ونقولُ كما قالَ، ونَصِفُهُ بما وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، لا نَتَعَدَّى ذلك، ولا يَبْلُغُهُ وصفُ الواصِفِينَ، نُؤْمِنُ بالقرآنِ كُلِّهِ مُحْكَمُهُ ومُتَشَابِهُهُ ولا نُزِيلُ عَنْهُ صفةً مِنْ صفاتِه لشَنَاعَة شُنِّعَتْ، ولا نَتَعَدَّى القرآنَ والحديثَ، ولا نَعْلَمُ كيفَ كُنْهُ ذلك إلاَّ بتصديقِ الرَّسولِ وتَثْبِيتِ القرآنِ. هذا الكلام من إمام أهل السنة والجماعة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المتوفى سنة 241هـ الإمام الذي نصر به الله جل وعلا السنة وقمع به البدعة، وجعله جل وعلا في وقته ميزانا يوزن به الناس، يقول فيه (إننا نؤمن بما جاء من النزول-وغير ذلك من آيات الصفات- كما جاء، لا نتجاوز القرآن والحديث، قال: بلا كيف ولا معنى) وهذا الكلام منه رحمه الله تعالى رحمة واسعة، أشكل على بعضهم كيف يقول بلا كيف ولا معنى؟ وحقيقة هذا اللفظ الذي ورد عنه أنه يوافق مذهب المفوّضة، والمفوضة طائفة كانت تقول نؤمن بالألفاظ بلا معاني، يعني نفوض المعنى والكيفية جميعا، وهذا معتقد باطل وبدعة شنيعة، وإنما الواجب تفويضُ العلم بالكيفية، أما المعنى فهو ظاهر لأن القرآن أنزل بلسان عربي مبين، فإذا كان أهل السنة والجماعة يؤمنون بالألفاظ والمعاني؛ يعني بما دل عليه اللفظ من كلام العرب، فكيف إذن يُحمل كلام الإمام أحمد بقوله(بلا كيف ولا معنى) وهذه أيضا مما أُخذ على المؤلف حيث لم يُوضِح المراد من كلام الإمام أحمد. وأهل العلم يقولون إن الإمام أحمد أراد بقوله (بلا كيف ولا معنى) الرد على طائفتين: 1. الطائفة الأولى المشبهة المجسمة رد عليهم بقوله (بلا كيف) يعني الكيفية التي تتوهمها العقول، أو وَصَفَ اللهَ جل وعلا بها المجسمة أو الممثلة. 2. وقوله (ولا معنى) ردّ بها رحمه الله على المعطلة، الذين جعلوا معاني النصوص على خلاف الظاهر المتبادر منها، فقالوا إن معنى النزول الرحمة، وقالوا إن معنى الاستواء الاستيلاء، وقالوا إن معنى الرحمة الإرادة؛ إرادة الإحسان أو إرادة الخير، وإن الغضب معناه إرادة الانتقام ونحو ذلك فهذا تأويل منه. فالإمام أحمد يقول (بلا كيف) الكيف الذي جعله المجسمة، (ولا معنى) الذي جعله المعطلة، يعني المعنى الباطل الذي صرف الألفاظ إليه المبتدعة المؤولة. فإذن قوله (بلا كيف ولا معنى) يريد بقوله (ولا معنى) المعنى الباطل الذي تأول به وإليه المبتدعة نصوص الصفات والنصوص الغيبية. وهذا نأخذ منه قاعدة مهمة: وهي أن طالب العلم الذي يعتني بأمر الاعتقاد يجب عليه أن يفهم اعتقاد أهل السنة والجماعة تماما، فإذا فهمه وورد بعد ذلك ألفاظ مشكلة عن الأئمة, عن التابعين, من تبع التابعين، عن بعض الأئمة فإنه بفهمه للاعتقاد الصحيح سيوجّه معناها إلى معنىً مستقيم، لأنه لا يُظن بالإمام أحمد وهو إمام أهل السنة والجماعة الذي حكم بالبدعة على المفوضة أنه يقول (ولا معنى) يعني ليس للآيات والأحاديث معنى يفهم بتاتا، فإذن فهمُك لأصول الاعتقاد وأصول ما كان عليه أهل السنة والجماعة، وضبطُك لذلك، به يمكنك أن تجيب على كثير من الإشكالات، ونحن في هذا الزمان ربما كتب بعض الناس كتابات في أن السلف يقرّون التأويل، وأنه وُجد التأويل للصفات في زمن الصحابة، أو وجد في زمن الصحابة من ينكر بعض الصفات، أو وجد في التابعين من يؤول، والإمام أحمد أوَّلَ، ونحو ذلك، وهذا من جرّاء عدم فهمهم لأصول أهل السنة والجماعة، وابتغاء الفتنة، وابتغاء التأويل الذي وصف الله جل وعلا به الزائغين، وإذا فهمت الصواب وفهمت المنهج الحق والاعتقاد الحق فإنه يمكن بذلك أن تجيب عن ما ورد عن بعض أئمة أهل السنة من ألفاظ ربما خالف ظاهرُها المعتقد، أو ظُن أن فيها شيء من التأويل، يمكن أن تجيب عليها بأجوبة محققة واضحة. وهذه قاعدة مهمة؛ مثل ما ترون من كتابات نُشرت فيما مضى، بل ربما تنشر إلى الآن، من أن الأمر في التأويل وأمر الاعتقاد، السلف اختلفوا في الاعتقاد فلا تجعلوا الاختلاف في العقيدة سبب للتفريق وسبب لكذا، ثم يَستدل ببعض أقوال الإمام أحمد، ببعض أقوال الصحابة، وبعض أقوال التابعين، وهو كأنما يتصيَّد تلك ليُلبِّس بها، ولو كان يفهم معتقد أهل السنة والجماعة فهما كاملا لأَمكَن الإجابة عن تلك بوضوح، وذلك من مثل ما يُذكر؛ بل ما ثبت عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالىيَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ[القلم:42] قال (يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ) يعني يكشف عن شدة، كما يقال كشفت الحرب عن ساقها يعني كشفت الحرب عن شدة وبأس, عن الشدة والبأس، قال هذا: ابن عباس لا يثبت صفة الساق لله جل وعلا. وأين هذا من المدعى؟ لاشك أن هذا خلاف ما يقتضيه العلم؛ كون هذا القول ثابتا عن ابن عباس لا يعني أنه ينفي صفة الساق؛ لأن صفة الساق جاءت موضَّحة في حديث أبي سعيد الخدري وفي غيره؛ حيث قال «ثم يكشف ربنا عن ساقه» فإذا أضيف لم يحتمل إلا الصفة؛ لأن الذوات إذا أضيفت فإمّا تقتضي الإضافة التشريف أو الصفة، وهذا لا يقتضي التشريف وإنما يقتضي الوصف، وأما إذا لم يضف في الآية فصحيح يمكن أن يحمل على ما فسرت به العرب من أنها تقول كُشف اليوم عن ساق يعني عن شِدّة؛ لأنه في الآية لم ترد مضافة، فاحتمل أن يكون المراد الكشف عن الشدة، ولهذا فسر ابن عباس وغيره الآية بهذا، بينما نقول إن الصحيح أن ما فسر الآية به عامة الصحابة والتابعين من أن المراد بـ(يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ) أنه يكشف عن ساق الله جل وعلا، لأنه دل على ذلك، وفسره النبي ، وهل يؤخذ تفسير القرآن عن أحد أفهم من رسول الله ، وهو عليه الصلاة والسلام بيَّن ذلك فيما رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري ورواه غيره أيضا؟. يتبع | |
| | | ام عبد الرحمن مديرة الموقع
الدولة : الجزائر الجنس :
عدد المساهمات : 794 نقاط : 5586 تستحق : 7 تاريخ التسجيل : 30/10/2013 الموقع : في ارض الله الواسعة
| موضوع: رد: شرح لمعة الاعتقاد الخميس نوفمبر 14 2013, 09:55 | |
| _ قالَ الإمامُ أبو عبدِ اللهِ محمدُ بنُ إدريسَ الشَّافعيُّ ”آمنتُ باللهِ وبما جاءَ عَن اللهِ على مُرادِ اللهِ، وآمنتُ برسولِ اللهِ وبما جاءَ عَن رسولِ اللهِ على مُرادِ رسولِ اللهِ“. 5_ وعلى هذا دَرَجَ السَّلَفُ وأَئِمَّةُ الخَلَفِ ، كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ على الإقْرارِ، والإمْرارِ والإثْباتِ لما وَرَدَ مِن الصِّفاتِ في كتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِهِ، مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لتأْوِيلِهِ. 6_ وقد أُمِرْنا بالاقْتِفَاءِ لآثارِهِمْ والاهتداءِ بمنارِهِم، وحُذِّرْنا المُحْدَثاتِ، وأُخْبِرْنا أنَّها مِنَ الضَّلالاتِ، فقالَ النبيُّ «عَلَيْكُم بِسُنّتِي وَسُنّةِ الْخُلَفَاء الرّاشِدِينَ المَهْدِيّينَ مِنْ بَعْدِي، عَضّوا عَلَيْهَا بِالنّوَاجِذِ, وَإِيّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأمُورِ, فَإِنّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ, وَكلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ». كلام الإمام الشافعي واضح، وقد استدل به المؤولة بأن الشافعي رحمه الله لا يعلم معاني تلك الآيات والأحاديث التي في الصفات، فقال ”آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وآمنت برسول الله وما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله“ فقالوا هذا يعني أنه أحال المعنى على مراد من تكلم به، وهذا يدل على أنه لم يفهم المعنى، وهو الإمام الشافعي. والجواب أنه لم يُرد ذلك، وإنما هذا إيمان مجمل، فنحن نقول كما قال الإمام الشافعي: آمنا بالله وبما جاء عن الله فيما علمنا وفي ما لم نعلم على مراد الله. هذا يقتضي تمام التسليم وتمام الامتثال لما أُمرنا به، كذلك: آمنا برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله ما علمنا من النصوص وما لم نعلم. فهذا إيمان مجمل، معناه أننا لا نترك شيئا مما جاء عن الله ولا عن رسول الله إلا ونحن مؤمنون به ما علمنا منه وما لم نعلم كل من عند ربنا. والشافعي رحمه الله قال هذه الكلمة إتباعا لما أمر الله جل وعلا به في كتابه حيث قالوَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا[آل عمران:7]، فما علمنا معناه واضح الإيمان به، وما جهلنا معناه واشتبه علينا نقول: آمنا به على مراد ربنا جل وعلا وعلى مراد رسولنا ، حتى نسأل فيه أهل العلم، فإذا سألنا فيه أهل العلم وبينوا لنا معاني الكتاب والسنة هنا نعتقد المعنى كما نعتقد في الألفاظ. ثم ذكر أن التأويلات هذه مُحْدَثة، وهذا ظاهر بين فإن الصحابة في زمن النبي تلقوا النصوص من الكتاب والسنة بالتسليم,( ) بل إن هذا الأمر وهو حال الصحابة رضوان الله عليهم مع نصوص الكتاب والسنة هو الذي هدى اللهُ جل وعلا به بعض كبار الأشاعرة؛ مثل الجويني له رسالة مشهورة، وكان مما قال فيها: أنني وجدت النبي يأتيه الأعرابي وغير الأعرابي، والذكي والبليد، والفطن وغير الفطن، فيسمعون منه الآيات المشتملة على الصفات التي يقتضي ظاهرُها التشبيه والتمثيل؛ يعني عند المؤولة، ويشمل الآيات التي تشتمل على الأمور الغيبية، ثم إن النبي لا يُتبع ذلك ببيان يقول فيه ولو مرة واحدة، لا تعتقدوا ظواهر هذه النصوص فإن لها معاني تخفى، فيأتيه الأعرابي من البادية فيسمع القرآن، ويأمره الرسول أن يؤمن بالكتاب، وبما يسمع من كلام النبي بما يفهمه من معنى بلغة العرب. قال: وهذا يدل دلالة واضحة بينة على أن ظواهر هذه النصوص مُراد، وأنه لا يجوز تأويلها بحال؛ لأنه لو جاز تأويلها حيث إن ظاهرها يوهم المشابهة والمماثلة لوجب على النبي أن يبين ذلك للأعراب الذين يأتونه من بقاع شتى وهم على جهل وعلى عدم علم وربما توهمت أنفسهم في تلك المعاني ظاهر ما يدل عليه اللفظ. فقال: لمَّا لم يتبع ذلك ببيان دل على أن ظواهر النصوص مُرَادٌ وأن الإيمان بتلك النصوص واجب على ما ظهر من معناها على قاعدة قطع المماثلة التي ذكر الله جل وعلا في قولهلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[الشورى:11]. إذن في عهد الصحابة لم يحدث تأويل ولم يحدث خلاف في الاعتقاد، وكذلك في عهد التابعين، حتى بدت في أواخر عهد التابعين الضلالات تظهر مع طوائف من الخوارج، ثم المعتزلة ثم انتشر ذلك في الأمة، وهذا يدلّك على أن التأويل والمخالفة في النصوص؛ في التسليم للنصوص أن هذا من البدع والمحدثات، والبدع والمحدثات مردودة «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» من أحدث في أمرنا هذا في الأمور العلمية ما ليس منه فهو رد، يعني مردود على صاحبه ومن أحدث في أمرنا هذا مما في الأمور العملية ما ليس منه فهو رد؛ مردود على صاحبه، وهذا يدخل فيه الأمور العلمية والعملية، وهذا كما سيأتي من كلام ابن مسعود حيث قال ” اتَّبِعُوا ولا تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ “. 7_ وقالَ عبدُ الله بنُ مسعودٍ ”اتَّبِعُوا ولا تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ“. 8_ وقالَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ كلامًا معناهُ ”قِفْ حيثُ وَقَفَ القومُ، فَإِنَّهُم عَنْ عِلْمٍ وَقَفُوا، وبِبَصَرٍ نافِذٍ كَفُّوا، وَلَهُمْ عَلَى كَشْفِها كانوا أَقْوَى، وبالفَضْل لوْ كانَ فيها أَحْرَى، فَلَئِنْ قُلْتُمْ حَدَثَ بَعْدَهُم، فَمَا أَحْدَثَهُ إلا مَنْ خَالَفَ هَدْيَهُمْ، وَرَغِبَ عَنْ سُنَّتِهِمْ، ولقَدْ وَصَفُوا مِنْهُ ما يُشْفِي، وتَكَلَّمُوا مِنْه بما يَكْفي، فَما فَوْقَهُم مُحَسِّرٌ، وما دونهم مُقَصِّرُ، لَقَدْ قَصُرَ عَنْهُم قَوْمٌ فَجَفَوْا، وَتَجاوَزَهُمْ آخَرُون فَغَلَوْا، وإِنَّهُمْ فِيما بَيْنَ ذَلِكَ لَعَلَى هُدًى مستقيمٍ“.
9_ وقالَ الإمامُ أبو عمْرٍو الأوزاعيُّ ”عليْكَ بآثارِ مَنْ سَلَفَ وإنْ رَفَضَكَ النّاسُ، وإيّاك وآراءَ الرِّجالِ وإنْ زَخْرَفُوهُ لَكَ بالقوْلِ“ رضي الله عن عمر بن عبد العزيز فقد نصحنا بنصيحة شافية كافية لو كان في القلوب حياة, قال ”عليك بآثار من سبق“ ثم وصف من سبق وهم الصحابة ، بأنهم على علم وقفوا، وببصر نافذ كفُّوا, فقسم حال الصحابة إلى قسمين: الأول: أنهم وقفوا على علم؛ فهم أعلم الناس، أعلم هذه الأمة هم صحابة رسول الله ، وهم أحرى بالعلم من غيرهم وما بعدهم ينقص فيهم العلم، فالصحابة هم أهل العلم، وأهل الإدراك، وأهل العقول المستقيمة، وأهل الأفهام المستنيرة, هم أهل فهم الكتاب والسنة, وتفسير الكتاب والسنة إنما يؤخذ من مشكاة الصحابة رضوان الله عليهم, وصفهم عمر بن عبد العزيز بقوله ”فإنهم على علم وقفوا“ وقفوا على علم؛ العلم عن رسول الله ، أو على علم علموه من الكتاب والسنة بما فهموه بما تقتضيه لغة العرب، أو بما علّمه بعضهم بعضا، فما ذكروه من المسائل ذكروه على علم وعلى بصيرة، هذا القسم الأول. والقسم الثاني: ما كفوا عنه وسكتوا عنه قال ”وببصر نافذ كفوا“ ببصر كفوا عمّا كفُّوا عنه، فلم يدخلوا في مسائل مما دخل فيها ممن بعدهم، لأجل عجزهم؟ لا، ولكن لأجل نفوذ بصرهم وبصيرتهم وفهمهم وإدراكهم وعلمهم، فإنهم تكلموا فيما تكلموا فيه على علم وقفوا عليه، وما سكتوا عنه أو لم يدخلوا فيه فإنهم كفوا عنه ببصر وبصيرة. وهذا الذي يجب، فإنه يجب علينا أن ننبذ الآراء والعقول والأفهام التي تخالف ما كان عليه صحابة رسول الله في أمور الإعتقاد جميعا، بل وفي أمور الدين جميعا، فكل ما كان عليه صحابة رسول الله فهذا هو الميزان المستقيم الذي تزن به فهمك، وتزن به الأحوال والأمور والفئات والناس، لأننا أُمرنا بالاتباع، وعمر بن عبد العزيز أوصانا بهذه الوصية الكافية الشافية؛ بأننا نتبع الصحابة لأنهم تكلموا فيما تكلموا فيه على علم، فهدي الصحابة واجب الاتباع، سواء كان ذلك في الأمور الاعتقادية، أو كان ذلك في الأمور العملية، أو كان ذلك في الأمور السلوكية؛ يعني في أمور الأخلاق والعبادات والزهد ونحو ذلك، فما جاوز طريقتهم فهو غلو، وما قَصُرَ عن طريقتهم فهو تحسير، فما دونهم مقصر، وما زاد على ما أتوا به فهو من الغلاة والذين سيكون مآلهم إلى التقصير والحسرة. فهذا كلام عمر بن عبد العزيز كمنهج عام، وهو الذي اتبعه الأئمة في أبواب الاعتقاد والعمل والسلوك إلى آخره، فقالوا ما جاء عن الصحابة نأخذه، فمنهاج الصحابة هو الميزان، وفهم الصحابة هو الميزان، و طريقة الصحابة هي الميزان، فهم أهل العلوم وأهل العقول وأهل الأفهام، وما حدث بعدهم فإنما حدث بالرأي، مثل ما أوصاك به أبو عمرو الأوزاعي الإمام المشهور إمام أهل الشام البيروتي حيث قال ”إياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول“ وإن زخرفوا الآراء بالأقوال، ونمّقوا القول وزخرفوه وجملوه، فإياك وإياه، لا ترغب عن السنة لأجل تحسين من حسّن رأيه بألفاظ، وخُذ بالسنة وبما جاء عن أهلها وإن كان أهلها لا يحسنون اللفظ ولا تجميله؛ لأن الميزان هو الاتباع، فمن اتبع فهو الناجي، ومن ابتدع فهو الهالك، وقانا وإياكم سُبُل الهلاك. يتبع | |
| | | ام عبد الرحمن مديرة الموقع
الدولة : الجزائر الجنس :
عدد المساهمات : 794 نقاط : 5586 تستحق : 7 تاريخ التسجيل : 30/10/2013 الموقع : في ارض الله الواسعة
| موضوع: رد: شرح لمعة الاعتقاد الخميس نوفمبر 14 2013, 10:01 | |
| _ وقالَ محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ الأَدْرَمِيُّ لرَجُلٍ تكَلَّمَ ببدْعَةٍ وَدَعَا الناسَ إليها: هَلْ عَلِمَهَا رسولُ اللهِ وأبو بكْرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ أوْ لَم يعلَموها؟ قال: لَم يعلَموها، قال: فَشَيْءٌ لَم يعلَمْه هؤلاء أَعلِمْتَهُ أنتَ؟ قال الرَّجلُ: فإنِّي أقولُ قدْ علِمُوها، قال: أَفَوَسِعَهُمْ أنْ لا يتَكَلَّمُوا به ولا يدْعُوا الناسَ إليه، أمْ لَم يَسَعْهُمْ؟ قال: بَلْ وَسِعْهُمْ، قال: فَشَيْءٌ وَسِعَ رسولَ اللهِ وخلفاءَه، لا يَسَعُكَ أنتَ؟ فانْقَطَعَ الرَّجلُ، فقال الخليفةُ، وكان حاضِرا: لا وَسَّعَ اللهُ على مَنْ لَم يَسَعْهُ ما وَسِعَهُمْ. 11_ وهكذا مَنْ لَم يَسَعْهُ ما وَسِعَ رسولَ اللهِ وأصحابَه والتَّابعين لَهُم بإحسانٍ، والأئمةَ مِنْ بَعْدِهِمْ، والرّاسِخين في العِلْم، مِنْ تِلاوَةِ آيات الصِّفاتِ وقِراءَةِ أخْبارِها، وإِمْرارِها كما جاءَت، فلا وَسَّعَ اللهُ عليه. 12_ فمِمَّا جاءَ مِنْ آياتِ الصِّفاتِ قولُ الله عزّ وجلوَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ[الرحمن:27]، وقولُه سبحانَهُ وتعالىبَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ[المائدة:64]، وقولُهُ تعالى إخْبارًا عنْ عيسى عليه السلامُ أنَّه قالتَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ[المائدة:116]، وقولُه سبحانهوَجَاءَ رَبُّكَ[الفجر:22]، وقولُه تعالىهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ[البقرة:210]، وقولُه تعالىرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ[المائدة:119]. هذا شروع في ذكر آيات الصفات، أو نصوص الصفات التي اشتملت على ذكر أسماء الله جل وعلا أو ذكر صفاته، وصفات الله جل وعلا تنقسم بأحد الاعتبارات إلى قسمين: صفات ذاتية، وصفات فعلية. فالصفات الذاتية: هي التي لا تنفكّ عن الموصوف مطلقا، وهي في حق الله جل وعلا التي لم يزل الله جل وعلا متصفا بها، يعني لا يتصف بها في وقت دون وقت، بل اتصافه بها دائما؛ من مثل صفة الوجه، كما قال جل وعلاوَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ[الرحمن:27]، ومن مثل صفة اليدين كما قال جل وعلابَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ[المائدة:64]، وقال جل وعلامَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ[ص:75] ونحو ذلك من صفات الذات. وقوله هناوَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ[الرحمن:27] هذه أول الآيات التي ذكر، وهذه الآية صريحة في إثبات صفة الوجه لله جل وعلا، وقوله(وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ) وجه الدلالة منه أنه أضاف الصفة -التي هي الوجه- إلى المتصف بها؛ قال(وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ). ونحن نعلم أنه ما يُضاف إلى الله جل وعلا -وهذه قاعدة-: تارة يكون معنى، وتارة يكون ذات. وإذا كان ذاتا: فتارة تكون ذاتا تقوم بنفسها، وتارة لا تقوم بنفسها: 1. مثال المعنى مثل الرحمة، والغضب، والرضا، فنقول رضا الله, رحمة الله ونحو ذلك، وهذا إضافة معنى إلى الله جل وعلا. 2. أما إضافة الذات؛ يعني إلى شيء يكون ذاتا، تارة هذا الذي يكون ذاتا -يعني مستقل له معنى، يعني شيء محسوس، يعني يمكن أن تفهمه بأنه ليس وصفا بدون ذات ولكنه ذات- هذا تارة يكون قائما بنفسه مثل قولهنَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا[الشمس:13] فهنا أضاف الناقة إلى نفسه جل وعلا فقال (نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا) والبيت بيت الله كما جاء في الحديث «ثم خرج إلى بيت من بيوت الله» أو «ثم مشى إلى بيت من بيوت الله» فهذا أضاف البيت إلى الله، ومثل القسم الثاني وجه الله, ويد الله، وساق الله, وقدم الله, وعين الله جل وعلا ونحو ذلك، فإذن إذا أضيف ما يقوم بنفسه، فهذا الأصل أنه تكون الإضافة للتشريف والتعظيم, فقولهنَاقَة اللَّهِ ( ) أضاف الله جل وعلا الناقة إلى نفسه، ومعلوم أن الناقة ذات منفصلة تقوم بنفسها، فهذا يقتضي تشريف ما أضافه الله جل وعلا إلى نفسه، ويقتضي تعظيمه. الثاني مثل بيت الله كذلك, أما وجه الله, يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ[الفتح:10]، بِأَعْيُنِنَا ( ) ونحو ذلك، فالعين، والوجه، واليد، والقدم، والساق، ونحو ذلك، هذه ذوات لكنها لا تقوم بنفسها, يعني لا وجود وجه بدون صاحب وجه, لا توجد يد بدون صاحب يد, لا توجد عين بدون صاحب عين، فهذه إذا أُضيفت إلى الله جل وعلا أو إلى غيره فهذه تقتضي الصفة لا تقتضي التشريف بها. فإذن تلخص هنا أن الإضافة للذوات على قسمين: o تارة تكون إضافة للتشريف: وهو ما أضيف من الأعيان مما يقوم بنفسه. o وتارة الإضافة تقتضي الوصف: إذا كان لا يقوم بنفسه. فقوله هناوَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ[الرحمن:27] وجه الاستدلال أنه أضاف الوجه إلى الله جل وعلا؛ فقال عز من قائل سبحانه (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ) فأضاف الوجه إلى الرب، فدل على أنه صفة له، المبتدعة يقولون وجه هنا بمعنى الذات، يعني ويبقى ربك نقول هنا قال جل وعلا(وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ) ثم وصف الوجه بقولهذُو الْجَلاَلِ وَالْإِكْرَامِ[الرحمن:27]، ولما أراد أن يصف الرب جل وعلا قالتَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلاَلِ وَالْإِكْرَامِ[الرحمن:28] فوصف الله جل وعلا في أول السورة الوجه بأنه ذو الجلال والإكرام ووصف نفسه سبحانه دون اسمه في آخر السورة بقولهتَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلاَلِ وَالْإِكْرَامِ[الرحمن:28], وذلك أن الله جل وعلا هو ذو الجلال والإكرام وكذلك صفاته ذات جلال وإكرام. قولهبَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ[المائدة:64] يداه تجرى عليها القاعدة، هذه من آيات الصفات أم لا؟ الجواب: نعم من آيات الصفات؛ لأنه أضاف ذاتا لا تقوم بنفسها إلى الله جل وعلا، أضافها إلى نفسه، فدل أنه إضافة الصفة إلى متصف بها، واليد في القرآن أتت تارة مفردة، وتارة مثنّاة، وتارة مجموعة: • فأما المجموعة في قوله-يعني أيدي-أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا[يس:71]هذا واحد. • اثنين قالمَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ[ص:75]. وكما قال هنابَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ[المائدة:64] فجعلهما اثنتين. • الثالث أنه ذكر يدا واحدة فقالتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ[الملك:1]. وهذا التعارض بين الإفراد والتثنية والجمع, وهل يوصف أن الله جل وعلا له يدا واحدة؟ أو يوصف بأن له يدين؟ أو يوصف بأن له أيديا؟ الجواب:أنه يوصف جل وعلا بأن له يدين, وأما إضافة اليد الواحدة إليه جل وعلا فهذا من إضافة الجنس، فهذا معروف؛ تضيف المفرد وتريد به الجنس, وأما الجمع في قولهأَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا[يس:71]فهنا جمع لأن العرب من لغتها أن المثنى إذا أضيف إلى ضمير جمع أو تثنية فإنه يُجمع, من لغة العرب أن المثنى إذا أضيف إلى ضمير تثنية أو جمع فإنه يُجمع لأجل خفة اللفظ؛ ممن مثل قوله تعالىإِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا[التحريم:4] (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ) هما امرأتان, أليس كذلك؟ فخاطبهما بقوله(إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ) ثم قال (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا)، والمرأتان لهما كم قلب؟ لهما قلبان؛ كل واحدة لها قلب واحد, فإذا كان كذلك فلما جمع؟ الجواب:لأن هذا من سَنن لسان العرب؛ أنه أضيف المثنى إلى ضمير مثنية أو جمع فإنه يجوز جمعه طلبا لخفة اللفظ، فهنا في قولهأَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا[يس:71] (أَيْدِينَا) هنا جَمَع، وليس ثم معارضة بين الجمع هنا وبين قولهبَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ[المائدة:64]، بل جَمَعَ هنا لأنه أضاف المثنى أصلا إلى ضمير الجمع، فجَمَعَ لأجل الخفة خفة اللفظ، أصل الكلام أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت يَدَيْنَا أنعاما، ثم صارت (أَيْدِينَا)، يعني ما يقتضيه اللسان العربي، فإذن نصف الله جل وعلا بأن له يدين جل وعلا، والآيات التي فيها ذكر اليدين تدل على التثنية، وأما المفرد فلا يعارض التثنية، والجمع كذلك لا يعارض التثنية، على أن بعض أهل العلم حمل قولهأَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا[يس:71] قال هذا جمع وأقل الجمع اثنان, وهذا إحالة إلى أمر مختلف فيه، إذن بعض أهل العلم يقول إن الجمع ثلاثة، ولا يسوغ في مثل هذه المسائل المشكلة أن يُحال إلى أمر مختلف فيه، بل إلى أمر متيقن منه، وهو ما نعلمه من لغة العرب بدلالة تحفظونها، والأشعار على هذه المسألة كثيرة والشواهد كثيرة -معروفة في النحو- لكن إن تحفظ آية سورة التحريمإِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا[التحريم:4]. القسم الثاني: وذكر المجيء والإتيان هذه صفات فعلية، والصفات الفعلية هي التي يتصف الله جل وعلا بها بمشيئته واختياره، يعني يتصف بها بوقت دون وقت، فهو جل وعلا ليس دائما ينزل إلى السماء الدنيا، وليس دائما يجيء، وإنما يجيء إذا شاء في وقت دون وقت، وهذه تسمى الصفات الفعلية الاختيارية. يتبع | |
| | | ام آسية مراقبة عامة
الدولة : الجزائر الجنس :
عدد المساهمات : 394 نقاط : 4867 تستحق : 11 تاريخ التسجيل : 09/11/2013
| موضوع: رد: شرح لمعة الاعتقاد الخميس نوفمبر 14 2013, 13:42 | |
| | |
| | | ام عبد الرحمن مديرة الموقع
الدولة : الجزائر الجنس :
عدد المساهمات : 794 نقاط : 5586 تستحق : 7 تاريخ التسجيل : 30/10/2013 الموقع : في ارض الله الواسعة
| موضوع: رد: شرح لمعة الاعتقاد الخميس نوفمبر 14 2013, 17:08 | |
| جزاني الله واياك شكرا لك على الرد | |
| | | ام ياسر السلفية مشرفة المنتدى الاسلامي
الدولة : الجزائر الجنس :
عدد المساهمات : 203 نقاط : 4484 تستحق : 13 تاريخ التسجيل : 21/11/2013
| موضوع: رد: شرح لمعة الاعتقاد الأربعاء يناير 15 2014, 22:04 | |
| بارك الله فيك اختي جزاك الله خيرا
| |
| | | | شرح لمعة الاعتقاد | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |