عقيدة حسن البنا : وانعكاسها على أتباعه:
لقد انعكس هذه العقيدة على أتباع حسن البنا بل على قادتهم والمنظرين في منهجهم كسيد قطب ومصطفى السباعي وسعيد حوى وعمر التلمساني ويوسف القرضاوي وأمثالهم وإليك البيان:
1) سيد قطب
لقد تبنى سيد قطب : رأي الخلف في آيات الصّفات عموماً وفي آيات الاستواء خصوصاً والدليل ما يأتي:
(أ) سيد قطب يؤول الاستواء:
قال سيد قطب : عند قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ) : "ولا مجال للخوض في معنى الاستواء إلا بأنه رمز السيطرة والقصد بإرادة الخلق والتكوين".
وهذا تفسير المعتزلة أثبته الزمخشري في "الكشاف" عند تفسير آية البقرة: 29 فقال: "(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء) أي قصد إليه بإرادته ومشيئته بعد خلق ما في الأرض".
وهذا القول الباطل لا دليل عليه, لأن الله – تبارك وتعالى – أخبر أن العرش كان على الماء قبل خلق السماوات والأرض وثبت ذلك في "صحيح البخاري" كتاب بدء الخلق عن عمران بن الحصين عن رسول الله ث قال: "كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السماوات والأرض".
فإذا كان العرش مخلوقاً قبل السماوات والأرض فكيف يكون استواءه قصده إلى خلقه له؟!
وقال سيد : عند قوله تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى): والاستواء على العرش كناية عن السيطرة والاستعلاء.
وهذا التفسير هو رأي الجهمية والمعتزلة أما تفاسير السلف رحمهم الله فمدارها على أربعة أقوال كلها تعني العلو.
أخرجها البخاري في "صحيحه", قال مجاهد: (اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِج): (علا), وقال ابن راهوية: سمعتُ غير واحد من المفسرين يقول: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) أي ارتفع.
وجمعها ابن القيم : في نونيته فقال:
ولهم عـبرات عليها أربــع قـد حصلت للفارس الطعانِ
وهي استقر وقد علا كذلك إرْ تـفع الذي ما فيه من نكرانِ
وكذلك قد صعد الذي هو رابع وأبـو عبيدة صاحب الشيبانِي
واعلم – أخي في الله – أنه يلزم من فسر الاستواء بالاستيلاء في هذا المقام نِسبَةُ الشريك لله في خلقه يضاده في أمره, لأن الاستيلاء لغة لا يكون إلا بعد المغالبة فإن وقع الظفر قيل استولى على كذا .
فمن يكون المضاد لله حتى تمكن الله من التغلب عليه والاستيلاء على ملكه منه, إنه لا مناص من هذا التأويل الفاسد إلا بالرجوع إلى تفسير السلف فعن نفطوية: حدثنا داود بن علي: كنا عند ابن الأعرابي فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الله ما معنى قوله تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)؟ قال: هو على عرشه كما أخبر, قال: يا أبا عبد الله إنما معناه استولى. فقال: اسكت, لا يقال استولى على الشيء حتى يكون له مضاد؛ إذا غلب أحدهما قيل استولى كما قال النابغة:
إلا لمثلك أو من أنت سابقه سبق الجواد إذا استولى على الأحد