ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ:
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻣﻨﺸﺊ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺭ، ﻭﻣﻔﻨﻲ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺪﻫﻮﺭ، ﻭﻣﻘﻠﺐ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ،
ﻭﻣﻐﻴﺮ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻣﻦ ﺣﺮ ﺇﻟﻰ ﺑﺮﺩ، ﻭﻣﻦ ﺑﺮﺩ ﺇﻟﻰ ﺣﺮ، ﻭﻳﺪﻳﻞ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺑﻴﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ، ﻋﺒﺮﺓ
ﻟﺬﻭﻱ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﻷﺑﺼﺎﺭ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻐﻔﻮﺭ ﺍﻟﺸﻜﻮﺭ، ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻧﺪ ﻟﻪ ﻭﻻ
ﻧﻈﻴﺮ ﻭﻻ ﻇﻬﻴﺮ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﻤﻮﺩ، ﻭﺍﻟﺤﻮﺽ
ﺍﻟﻤﻮﺭﻭﺩ، ﺍﻟﺸﺎﻓﻊ ﺍﻟﻤﺸﻔﻊ، ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻤﺮ ﺳﻨﻴﻨﻪ ﻭﺷﻬﻮﺭﻩ ﻭﺃﻳﺎﻣﻪ ﻭﻟﻴﺎﻟﻴﻪ ﺑﻄﺎﻋﺔ ﺭﺑﻪ
ﻭﻣﻮﻻﻩ، ﻭﻋﺒﺎﺩﺓ ﺧﺎﻟﻘﻪ ﻭﺑﺎﺭﺋﻪ، ﻓﻐُﻔﺮﺕ ﻟﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻭﺍﻟﺰﻻﺕ، ﻭﻧﺎﻝ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ، ﻭﺟﺰﻳﻞ ﺍﻟﻤﻜْﺮُﻣﺎﺕ، ﻓﺼﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻝ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ
ﺍﻟﺪﺍﺋﺒﻴﻦ ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺘﻪ، ﻣﺎ ﺗﻜﺮﺭﺕ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ، ﻭﺗﻌﺎﻗﺐ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ .
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ، ﻓﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ:
ﺍﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻣﺘﺜﺎﻟﻜﻢ ﻷﻭﺍﻣﺮﻩ، ﻭﺍﺟﺘﻨﺎﺑﻜﻢ ﻟﻤﻨﺎﻫﻴﻪ، ﻭﺗﻮﺩﺩﻭﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﻹﻛﺜﺎﺭ ﻣﻦ
ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﺭﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ، ﻭﻭﻟﻮﺫﻭﺍ ﺑﺠﻨﺎﺑﻪ ﻣﺘﺬﻟﻠﻴﻦ ﻣﻨﻜﺴﺮﻳﻦ، ﻭﺗﺎﺋﺒﻴﻦ
ﻣﻦ ﺫﻧﻮﺑﻜﻢ ﻣﺴﺘﻐﻔﺮﻳﻦ، ﺗﻨﺎﻟﻮﺍ ﻣﻐﻔﺮﺗﻪ ﻭﻋﻔﻮﻩ ﻭﺭﺣﻤﺘﻪ، ﻭﺗﻔﻮﺯﻭﺍ ﺑﺜﻮﺍﺑﻪ ﻭﻧﻌﻴﻤﻪ،
ﻭﺗﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﻠﺤﻴﻦ، ﻭﺗﺒﺼﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺭ ﻭﺍﻷﻋﻮﺍﻡ، ﻭﻛﻴﻒ ﺗﺼﺮﻣﺖ
ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻡ، ﻭﺃﺳﺒﻮﻋﺎً ﺑﻌﺪ ﺃﺳﺒﻮﻉ، ﻭﺷﻬﺮﺍً ﺑﻌﺪ ﺷﻬﺮ، ﻭﻋﺎﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻡ، ﻭﻧﺤﻦ ﻓﻲ
ﻏﻔﻠﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﺗﻨﺎﻓﺲ ﺷﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻌﺎﺟﻠﺔ، ﻭﺿﻌﻒ ﻓﻲ ﺍﻹﻗﺒﺎﻝ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺗﻘﺼﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ، ﻭﺗﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﺕ ﺍﻟﺰﺍﻛﻴﺔ،
ﻭﺇﻛﺜﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﻠﻜﺔ، ﺃﻻ ﻭﺇﻧﻪ ﻗﺪ ﺁﺫﻥ ﺑﺎﻹﻧﺼﺮﺍﻡ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺭﺟﻌﺔ ﻋﺎﻡ ﻣﻦ ﺃﻳﺎﻡ
ﺑﻘﺎﺋﻜﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﻤﻦ ﺃﻭﺩﻋﻪ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺤﻘﻮﻕ
ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ، ﻭﺇﺣﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻼﺕ، ﻭﺑﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻛﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺪﻉ ﻭﺍﻟﻤﺤﺮﻣﺎﺕ
ﻭﺍﻟﻤﻨﻜﺮﺍﺕ ﺍﻟﻘﻮﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻓﺎﻟﺨﻴﺮ ﺑﺸﺮﺍﻩ، ﻭﻣﻦ ﻓﺮﻁ ﻓﻴﻪ ﻓﻤﻸﻩ ﺑﺎﻟﺘﻬﺎﻭﻥ ﻓﻲ
ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ، ﻭﺍﻟﺘﻘﺼﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ، ﻭﺍﻹﺳﺎﺀﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻼﺕ، ﻭﺍﻟﺘﺴﻮﻳﺪ
ﺑﺎﻟﺸﺮﻛﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺪﻉ ﻭﺍﻟﻤﺤﺮﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻨﻜﺮﺍﺕ، ﻭﺇﻹﻛﺜﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻭﺍﻷﺛﺎﻡ ﻓﺄﺣﺴﻦ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰﺍﻩ .
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ:
ﺍﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺠﻴﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﺭﻋﺔ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺎﺕ، ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺕ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻼﺕ، ﻭﺍﺳﺘﺪﺭﻛﻮﺍ ﻋﻤﺮﺍً ﺿﻴﻌﺘﻢ
ﺃﻭﻟﻪ، ﻓﻼ ﺗﺨﺮﻣﻮﺍ ﺑﺎﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻨﻪ، ﻭﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻦ ﻏُﻨﻴﻢ ﺑﻦ ﻗﻴﺲ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ
- ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: )) ﻛُﻨَّﺎ ﻧَﺘَﻮَﺍﻋَﻆُ ﻓِﻲ ﺃَﻭَّﻝِ ﺍﻟْﺈِﺳْﻠَﺎﻡِ ﺑِﺄَﺭْﺑَﻊٍ، ﻛُﻨَّﺎ ﻧَﻘُﻮﻝُ: ﺍﻋْﻤَﻞْ ﻓِﻲ ﺷَﺒَﺎﺑِﻚَ
ﻟِﻜِﺒَﺮِﻙَ، ﻭَﺍﻋْﻤَﻞْ ﻓِﻲ ﻓَﺮَﺍﻏِﻚَ ﻟﺸُﻐْﻠِﻚَ، ﻭَﺍﻋْﻤَﻞْ ﻓِﻲ ﺻِﺤَّﺘِﻚَ ﻟِﺴَﻘَﻤِﻚَ، ﻭَﺍﻋْﻤَﻞْ ﻓِﻲ ﺣَﻴَﺎﺗِﻚَ
ﻟِﻤَﻮْﺗِﻚَ .((
ﻓﺮﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪﺍً ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ، ﻭﺃﻗﺎﺕ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﻍ، ﻓﺄﺳﺮﻉ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ
ﻭﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﻗﺒﻞ ﻃﻲِّ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻗﺒﻞ ﺩﻧﻮ ﺍﻷﺟﻞ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﻤﻨﻰ
ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻟﻴﺴﺘﺪﺭﻙ ﻣﺎ ﻗﺼﺮ ﻓﻴﻪ ﺃﻭ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﻟﻴﺘﺮﻗﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ
} ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻟْﺘَﻨْﻈُﺮْ ﻧَﻔْﺲٌ ﻣَﺎ ﻗَﺪَّﻣَﺖْ ﻟِﻐَﺪٍ ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺧَﺒِﻴﺮٌ
ﺑِﻤَﺎ ﺗَﻌْﻤَﻠُﻮﻥَ ) 18( ﻭَﻟَﺎ ﺗَﻜُﻮﻧُﻮﺍ ﻛَﺎﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻧَﺴُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻓَﺄَﻧْﺴَﺎﻫُﻢْ ﺃَﻧْﻔُﺴَﻬُﻢْ ﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢُ
ﺍﻟْﻔَﺎﺳِﻘُﻮﻥَ .{
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ:
ﺇﻧﻜﻢ ﺩﺍﺧﻠﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﺃﻳﺎﻡ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺟﺪﺍً ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﺷﻬﺮ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺍﻟﺤﺮﻡ، ﺃﻻ ﻭﻫﻮ ﺷﻬﺮ ﺍﻟﻠﻪ
ﺍﻟﻤﺤﺮﻡ، ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺮﻓﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻓﻀﻠﻪ، ﻭﺃﺿﺎﻓﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﻋﻈﻤﻪ، ﻓﺎﺳﺘﺪﺭﻛﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﻣﻦ ﺗﻘﺼﻴﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺑﺎﻹﻛﺜﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ
ﻓﻴﻪ، ﻓﻘﺪ ﺻﺢ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: )) ﺃَﻓْﻀَﻞُ ﺍﻟﺼِّﻴَﺎﻡِ ﺑَﻌْﺪَ ﺷَﻬْﺮِ
ﺭَﻣَﻀَﺎﻥَ ﺻِﻴَﺎﻡُ ﺷَﻬْﺮِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺍﻟْﻤُﺤَﺮَّﻡِ (( ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮ ﻣﻨﻪ ﻳﻜﻔﺮ ﺫﻧﻮﺏ ﺳﻨﺔ
ﻛﺎﻣﻠﺔ، ﻓﻘﺪ ﺻﺢ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ: )) ﻭَﺻِﻴَﺎﻡُ ﻳَﻮْﻡِ ﻋَﺎﺷُﻮﺭَﺍﺀَ
ﺃَﺣْﺘَﺴِﺐُ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃَﻥْ ﻳُﻜَﻔِّﺮَ ﺍﻟﺴَّﻨَﺔَ ﺍﻟَّﺘِﻲ ﻗَﺒْﻠَﻪُ .((
ﻭﺍﺣﺬﺭﻭﺍ ـ ﺳﻠﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﺪﺩﻛﻢ ـ ﺃﻥ ﺗﻈﻠﻤﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻭﺑﻘﻴﺔ ﺍﻷﺷﻬﺮ
ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺍﻟﺤﺮﻡ ﺑﺎﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ﻭﺍﻟﺨﻄﺎﻳﺎ، ﺑﺎﻟﺸﺮﻛﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺪﻉ ﻭﺍﻟﻀﻼﻻﺕ، ﺑﺎﻟﺬﻧﻮﺏ
ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ، ﺑﺎﻟﻔﺴﻖ ﻭﺍﻟﻔﺠﻮﺭ، ﺑﺎﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ، ﺑﺎﻟﻐﺶ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ، ﺑﺎﻟﻐﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﺒﻬﺘﺎﻥ،
ﺑﺎﻟﻨﻤﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﺤﻘﺪ ﺍﻟﺤﺴﺪ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ـ ﺟﻞ ﺷﺄﻧﻪ ـ ﻗﺪ ﺯﺟﺮﻛﻢ ﻭﻧﻬﺎﻛﻢ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺎﻝ:
} ﺇِﻥَّ ﻋِﺪَّﺓَ ﺍﻟﺸُّﻬُﻮﺭِ ﻋِﻨْﺪَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺍﺛْﻨَﺎ ﻋَﺸَﺮَ ﺷَﻬْﺮًﺍ ﻓِﻲ ﻛِﺘَﺎﺏِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻳَﻮْﻡَ ﺧَﻠَﻖَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﻭَﺍﺕِ
ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺽَ ﻣِﻨْﻬَﺎ ﺃَﺭْﺑَﻌَﺔٌ ﺣُﺮُﻡٌ ﺫَﻟِﻚَ ﺍﻟﺪِّﻳﻦُ ﺍﻟْﻘَﻴِّﻢُ ﻓَﻠَﺎ ﺗَﻈْﻠِﻤُﻮﺍ ﻓِﻴﻬِﻦَّ ﺃَﻧْﻔُﺴَﻜُﻢْ { ، ﻓﺈﻥ
ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﺗﻌﻈﻢ ﻭﺗﺸﺘﺪ، ﻭﺗﻜﺒﺮ ﻭﺗﺘﻐﻠﻆ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺯﻣﺎﻥ ﺃﻭ ﻣﻜﺎﻥ
ﻓﺎﺿﻞ، ﻭﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ ﺑﻦ ﺩﻋﺎﻣﺔ ـ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ـ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: )) ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻈُّﻠْﻢَ ﻓِﻲ
ﺍﻟﺸَّﻬْﺮِ ﺍﻟْﺤَﺮَﺍﻡِ ﺃَﻋْﻈَﻢُ ﺧَﻄِﻴﺌَﺔً ﻭَﻭِﺯْﺭﺍً ﻣِﻦَ ﺍﻟﻈُّﻠْﻢِ ﻓِﻴﻤَﺎ ﺳِﻮَﺍﻩُ .((
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ:
ﻫﺬﻩ ﺛﻼﺙ ﻭﻗﻔﺎﺕ ﻃﻴﺒﺎﺕ ﻧﺎﻓﻌﺎﺕ ﻣﻬﻤﺎﺕ، ﻳﺠﺪﺭ ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻢ - ﺳﺪﺩﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻓﻘﻬﻪ -
ﺃﻥ ﻳﺘﻨﺒﻪ ﻟﻬﺎ، ﻭﻳﻔﻘﻪ ﺣﻜﻤﻬﺎ، ﻭﻳﺘﺒﺼﺮ ﺑﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻌﻬﺎ .
ﺍﻟﻮﻗﻔﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ / ﻋﻦ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺘﺄﺭﻳﺦ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌُﺜﻴﻤﻴﻦ ـ ﺭﺣﻤﻪ ﻟﻠﻪ ـ : ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﻨﻮﻱ
ﻣﻌﻤﻮﻻً ﺑﻪ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻼﻓﺔ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ـ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ـ
ﻭﺍﺗﺴﻌﺖ ﺭَﻗﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻭﺍﺣﺘﺎﺝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺄﺭﻳﺦ ﻓﻲ ﺃُﻋْﻄِﻴﺎﺗﻬﻢ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻓﻔﻲ
ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻓﺘﻪ ـ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ـ ﻛﺘﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﺑﻮ ﻣﻮﺳﻰ
ﺍﻷﺷﻌﺮﻱ ـ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ـ: ﺃﻧﻪ ﻳﺄﺗﻴﻨﺎ ﻣﻨﻚ ﻛﺘﺐ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺭﻳﺦ ﻓﺠﻤﻊ ﻋﻤﺮ
ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ـ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ـ ﻓﺎﺳﺘﺸﺎﺭﻫﻢ، ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ: ﺃﺭﺧﻮﺍ ﻛﻤﺎ ﺗﺆﺭﺥ ﺍﻟﻔﺮﺱ
ﺑﻤﻠﻮﻛﻬﺎ، ﻛﻠﻤﺎ ﻫﻠﻚ ﻣﻠﻚ ﺃﺭﺧﻮﺍ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ، ﻓﻜﺮﻩ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺫﻟﻚ، ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ:
ﺃﺭﺧﻮﺍ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺮﻭﻡ، ﻓﻜﺮﻫﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎً، ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ: ﺃﺭﺧﻮﺍ ﻣﻦ ﻣﻮﻟﺪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮﻭﻥ: ﻣﻦ ﻣﺒﻌﺜﻪ، ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮﻭﻥ: ﻣﻦ ﻫﺠﺮﺗﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ ـ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ـ: ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻓﺮَّﻗﺖ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻓﺄَﺭِّﺧُﻮﺍ ﺑﻬﺎ، ﻓﺄﺭَّﺧﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ،
ﻭﺍﺗﻔﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﺛﻢ ﺗﺸﺎﻭﺭﻭﺍ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺷﻬﺮ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ: ﻣﻦ
ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﻷﻧﻪ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃُﻧﺰﻝ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ: ﻣﻦ ﺭﺑﻴﻊٍ ﺍﻷﻭﻝ، ﻷﻧﻪ
ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻡ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻬﺎﺟﺮﺍً، ﻭﺍﺧﺘﺎﺭ ﻋﻤﺮ
ﻭﻋﺜﻤﺎﻥ ﻭﻋﻠﻲ ـ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ـ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺮﻡ، ﻷﻧﻪ ﺷﻬﺮ ﺣﺮﺍﻡ ﻳﻠﻲ ﺷﻬﺮ
ﺫﻱ ﺍﻟﺤﺠﺔ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﺩﻱ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺣﺠﻬﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﺗﻤﺎﻡ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺩﻳﻨﻬﻢ، ﻭﺍﻟﺬﻱ
ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ ﺑﻴﻌﺔ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﺍﻟﻌﺰﻳﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ، ﻓﻜﺎﻥ
ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻬﺠﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﻤﺤﺮﻡ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ.
ﺍﻟﻮﻗﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ / ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺤﺮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻨﺪ ﻗﺮﺏ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ
ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﺃﻭ ﺣﻠﻮﻟﻪ .
ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺮﻣﺎﺕ:
ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﺃﻭ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺣﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ
ﺑﺬﻛﺮﻯ ﻫﺠﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
ﻭﺍﻟﻤﺤﺘﻔﻞ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﻻ ﻳﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﺣﺘﻔﺎﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﺸﺎﻕ ﻟﻬﺎ ﻭﻣﺨﺎﻟﻒ، ﻷﻧﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻢ ﻳﺤﺘﻔﻞ، ﻭﻻ ﺣﺚ
ﺃﻣﺘﻪ ﻭﺩﻋﺎﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ .
ﺍﻟﻤﺤﺘﻔﻞ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﻻ ﻳﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺪﻱ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ
ﺍﻷﻭﻟﻰ، ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ـ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ـ، ﻷﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺤﺘﻔﻠﻮﺍ، ﻭﻻ ﺩﻋﻮﺍ ﻣﻦ
ﻓﻲ ﻋﻬﺪﻫﻢ ﻭﻻ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ .
ﺍﻟﻤﺤﺘﻔﻞ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﻻ ﻳﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﻣﺎﻟﻚ
ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﺃﺣﻤﺪ ـ ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ـ ﻭﻻ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ، ﻭﻻ ﻳﺘﺎﺑﻌﻬﻢ،
ﻷﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺤﺘﻔﻠﻮﺍ، ﻭﻻ ﺩﻋﻮﺍ ﺃﺣﺪﺍً ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﻭﻻ ﺭﻏﺒﻮﻩ ﻓﻴﻪ.
ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻮﻥ ﺑﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻳﺤﻜﻤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺣﺎﻟﻪ ﻣﻦ
ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺑﺄﻧﻪ ﺑﺪﻋﺔ، ﻭﺍﻟﺒﺪﻋﺔ ﻣﻦ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻤﺤﺮﻣﺎﺕ، ﻭﺃﻏﻠﻈﻬﺎ ﺟﺮﻣﺎً، ﻓﻘﺪ ﺻﺢ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺬﺭ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺧﻄﺒﻪ ﻓﻴﻘﻮﻝ: )) ﻭَﺧَﻴْﺮُ ﺍﻟْﻬُﺪَﻯ ﻫُﺪَﻯ
ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ، ﻭَﺷَﺮُّ ﺍﻷُﻣُﻮﺭِ ﻣُﺤْﺪَﺛَﺎﺗُﻬَﺎ، ﻭَﻛُﻞُّ ﺑِﺪْﻋَﺔٍ ﺿَﻼَﻟَﺔٌ .((
ﻭﺛﺒﺖ ﻋﻨﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺧﻄﺒﺘﻪ ﺍﻟﻮﺩﺍﻋﻴﺔ: )) ﻭَﺇِﻳَّﺎﻛُﻢْ
ﻭَﻣُﺤْﺪَﺛَﺎﺕِ ﺍﻷُﻣُﻮﺭِ ﻓَﺈِﻥَّ ﻛُﻞَّ ﻣُﺤْﺪَﺛَﺔٍ ﺑِﺪْﻋَﺔٌ ﻭَﻛُﻞَّ ﺑِﺪْﻋَﺔٍ ﺿَﻼَﻟَﺔٌ .((
ﻭﺛﺒﺖ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ـ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ـ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: )) ﻭَﺇِﻥَّ ﺷَﺮَّ ﺍﻟْﺄُﻣُﻮﺭِ
ﻣُﺤْﺪَﺛَﺎﺗُﻬَﺎ, ﺃَﻟَﺎ ﻭَﺇِﻥَّ ﻛُﻞَّ ﻣُﺤْﺪَﺛَﺔٍ ﺑِﺪْﻋَﺔٌ, ﻭَﻛُﻞَّ ﺑِﺪْﻋَﺔٍ ﺿَﻠَﺎﻟَﺔٌ, ﻭَﻛُﻞَّ ﺿَﻠَﺎﻟَﺔٍ ﻓِﻲ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ (( ، ﻭﻻ
ﺭﻳﺐ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺄﻥ ﻣﺎ ﻭﺻِﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﺷﺮ، ﻭﺃﻧﻪ ﺿﻼﻟﺔ، ﻭﺗُﻮﻋِّﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ، ﻳﺪﺧﻞ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺮﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻤﻨﻜﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﺨﻄﻴﺌﺎﺕ .
ﻭﺍﻋﻠﻤﻮﺍ - ﺳﺪﺩﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ - ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺘﻔﻞ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﻣﺘﺸﺒﻪ ﺑﺼﻨﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ:
ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻷﻭﻝ: ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﻣﻠﻠﻬﻢ، ﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﺮﺕ ﻋﺎﺩﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ
ﺑﺎﻟﺤﻮﺍﺩﺙ، ﻭﻭﻗﺎﺋﻊ ﺍﻷﻳﺎﻡ، ﻭﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ .
ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀﻼﻝ ﻭﺍﻻﻧﺤﺮﺍﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﺍﻓﻀﺔ ﻭﺃﺿﺮﺍﺑﻬﻢ، ﻓﻬﻢ ﻣﻦ
ﺃﺣﺪﺙ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻻﺕ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ .
ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﺍﻟﻤﺆﺭﺥ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﺑﺎﻟﻤﻘﺮﻳﺰﻱ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ - ﻓﻲ
ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﺍﻟﺨِﻄَﻂ :" ﺃﻥ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﺮﺃﺱ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻬﺠﺮﻳﺔ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﺣﺘﻔﺎﻻﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ
ﺍﻟﻌﺒﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﺍﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﺮﺍﻓﻀﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻮﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ
ﻭﻣﺼﺮ، ﻭﻓﻌﻠﺖ ﺑﻌﻠﻤﺎﺋﻬﺎ ﻭﻣﺆﺫﻧﻴﻬﺎ ﻭﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺮﺍﺋﻢ ﻣﺎﻻ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻮﺻﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺘﻞ
ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺑﺎﻟﺠﺜﺚ ﻭﺳﺒﻲ ﺍﻟﺤﺮﻳﻢ، ﻭﺃﺧﺬ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ، ﻭﺇﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﻭﺗﺨﺮﻳﺒﻬﺎ
ﻭﺗﺤﺮﻳﻘﻬﺎ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﻣﻦ ﺯﻋﻤﺎﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﻇﻬﺮ ﺳﺐ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ
ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ، ﻭﺃﻣﺮ ﺑﻜﺘﺐ ﺳﺐ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ، ﻭﻣﻨﻬﻢ: ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺑﺤﺮﻕ
ﺍﻟﻤﺼﺎﺣﻒ ﻭﻣﺴﺎﺟﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﺑﻞ ﻗﺎﻝ ﻋﻨﻬﻢ ﻣﺆﺭﺥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ - ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ " ﺇﻧﻬﻢ:
ﻗﻠﺒﻮﺍ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻭﺃﻋﻠﻨﻮﺍ ﺍﻟﺮﻓﺾ، ﻭﺃﺑﻄﻨﻮﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻴﺔ . ﺍﻫـ
ﺛﻢ ﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻴﺎﺽ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻲ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ - ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻬﻢ: ﺃﺟﻤﻊ
ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺑﺎﻟﻘﻴﺮﻭﺍﻥ ﺃﻥ ﺣﺎﻝ ﺑﻨﻲ ﻋﺒﻴﺪ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻤﺮﺗﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺰﻧﺎﺩﻗﺔ . ﺍﻫـ
ﻭﻻ ﺭﻳﺐ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺸﺒﻪ ﺑﻬﺬﻳﻦ ﺍﻟﺼﻨﻔﻴﻦ ﺷﺮ ﻋﻠﻰ ﻓﺎﻋﻠﻪ، ﻭﺧﺴﺎﺭﺓ ﻭﺑﻮﺍﺭ، ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻦ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: )) ﻣَﻦْ ﺗَﺸَﺒَّﻪَ ﺑِﻘَﻮْﻡٍ ﻓَﻬُﻮَ ﻣِﻨْﻬُﻢْ (( ، ﻓﻬﻞ ﻳﺮﺿﻰ
ﻣﺤﺐ ﻟﻠﺴﻨﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ، ﻭﻟﻨﺒﻲ ﺍﻷﻣﺔ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻷﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻟﻤﻴﺎﻣﻴﻦ، ﻭﻣﺠﻞ
ﻟﻪ ﻭﻟﻬﻢ ﻭﻣﻮﻗﺮ، ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻘﻮﻡ، ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﻓﻌﺎﻟﻬﻢ ﻭﺧﺼﺎﻟﻬﻢ، ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ
ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﻢ، ﻭﻫﺬﻩ ﺳﻴﺮﺗﻬﻢ، ﻗﺪﻭﺗﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﻭﺳﻠﻔﻪ .
ﻭﺇﻧﺎ - ﺑﺤﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ - ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﺳﻨﺘﺸﺒﻪ ﺑﺎﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻨﺘﺮﻛﻪ
ﻭﻧﻬﺠﺮﻩ ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻛﻮﻩ ﻭﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮﻩ، ﻋﺴﻰ ﺃﻥ ﻧﻠﺤﻖ ﺑﻬﻢ، ﻭﻟﻦ ﻧﺘﺸﺒﻪ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﻻ
ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﻀﻼﻝ ﻭﺍﻻﻧﺤﺮﺍﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﺍﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﺮﺍﻓﻀﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ.
ﺛﻢ ﺇﻥ ﻫﺠﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﻤﻦ ﻟﻪ ﻋﻘﻞ ﻭﺇﺩﺭﺍﻙ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ
ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺤﺮﻡ، ﻭﻻ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﻳﻮﻡ ﻣﻨﻪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﺑﻴﻊ ﺍﻷﻭﻝ ﻛﻤﺎ
ﺫﻛﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﺄﺭﻳﺦ ﻭﺍﻟﺴِّﻴﺮ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻭﻗﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺴﻨﺔ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺑﺠﻌﻠﻬﺎ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ، ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺑﻴﻮﻡ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ، ﻭﺃﻧﻪ ﻫﻮ
ﺃﻭﻝ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺴﻨﺔ .
ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺮﻣﺎﺕ:
ﺗﺨﺼﻴﺺ ﺁﺧﺮ ﺟﻤﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺑﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ، ﻭﺗﺨﺼﻴﺼﻪ ﺑﺪﻋﺎﺀ
ﻳﺴﻤﻰ ﺩﻋﺎﺀ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻭ ﺩﻋﺎﺀ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﺴَّﻨﺔ، ﻳﺪﻋﻰ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺳﺠﺪﺓ ﺃﻭ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﻛﻮﻉ
ﻣﻦ ﺁﺧﺮ ﺻﻼﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﻨﺼﺮﻡ ﺃﻭ ﺃﻭﻝ ﺻﻼﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ، ﻭﻗﺪ ﻳﺪﻋﻰ ﺑﻬﺬﺍ
ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻓﻲ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﺬﻛﺮﻯ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺃﻭ ﻳﺘﻨﺎﻗﻠﻪ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻮﻥ ﺑﺄﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ
ﻋﺒﺮ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺠﻮﺍﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺗﺲ ﺁﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻴﺲ ﺑﻮﻙ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ ﺃﻭ ﻣﻮﺍﻗﻊ
ﺍﻹﻧﺘﺮﻧﻴﺖ .
ﻭﻻ ﺭﻳﺐ ﻓﻲ ﺣﺮﻣﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﺇﺫ ﻟﻢ ﻳﺄﺕ ﻟﻪ ﺫﻛﺮ ﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ
ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ، ﻭﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﺔ، ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻨﻬﻢ ـ، ﻭﻻ ﻗﺮﺭﻩ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ، ﻭﻣﻦ ﻓﻲ ﺃﺯﻣﻨﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻔﻘﻪ
ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﺤﺒﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﻭﻳﺤﺴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻌﻠﻪ، ﻭﻟﻪ ﻓﻴﻪ
ﺍﻷﺟﺮ ﻭﺍﻟﺜﻮﺍﺏ، ﻟﻜﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺃﻭﺋﻞ ﻣﻦ ﻳﻔﻌﻠﻪ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺴَّﺒﺎﻗﻴﻦ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺍﻟﻨﺎﺷﺮﻳﻦ ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﻦ
ﻟﻪ.
ﺃﻗﻮﻝ ﻗﻮﻟﻲ ﻫﺬﺍ، ﻭﺃﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻟﻲ ﻭﻟﻜﻢ، ﻓﺎﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﻭﺍﺭﺣﻤﻨﺎ ﻭﺍﻋﻒ ﻋﻨﺎ
ﻭﺗﺠﺎﻭﺯ، ﻭﺃﻧﺖ ﺧﻴﺮ ﻭﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ