قال ابن الجوزي في كتابه الماتع صيد الخاطر صفحة 379
............ واطيب العيش من يعيش مع الخالق سبحانه فان قيل كيف يعيش معه قلت بامتثال امره واجتناب نهيه ومراعاة حدوده والرضا بقضائه وقدره وحسن الادب في الخلوة وكثرة ذكره وسلامة القلب من الاعتراض على اقداره
فان احتجت سالته فان اعطى والا رضيت بالمنع وعلمت انه لم يمنع بخلا وانما نظر لك ولا تنقطع عن السؤال لانك تتعبد به
ومتى دمت على ذلم رزقك محبته وصدق التوكل عليه فصارت المحبة تدلك على المقصود واثمرت لك محبته اياك ان تعيش عيش الصديقين
ولا خير في عيش ان لم يكن كذا
فان اكثر الناس مخبط في عيشه يداري الاسباب ويميل اليها بقلبه ويتعب في تحصيل الرزق بحرص زائد على الحد ويرغب الى الخلق ويتعرض عند انكسار الاغراض والقدر يجري ولا يبالي بسخط ولا يحصل الا ما قدر له وقد فاته القرب من الحق والمحبة له والتادب معه فذلك العيش عيش البهائم
قلت لله دره فقد جمع في كلامه حقيقة السعادة الحاصلة من طيب العيش واثره على النفس وثمراته الطيبة في الدنيا والاخرة ثم عقب على نقيضه وهو عيش البهائم وبين لك انه لا يقدم ولا يؤخر من القدر شيئا بل شقاء حاصل و غرور قائم فاتقو الله واجملو في الطلب قال تعالى * ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكى *.
الخميس مارس 29 2018, 18:29 من طرف أم أنس
اليومية
